رمضان جريدي العنزي
نحن نسهر في الليل كثيراً ولا ننام باكراً، عادة سيئة لا يجب أن تكون، لكننا أدمنا تلك العادة السيئة، آباؤنا وأجدادنا لم يكونوا كذلك، كانوا يصلون العشاء ويخلدون بعد ذلك للنوم، ويستيقظون عند حلول الفجر، بكل صحة وسعادة، النوم المبكر عادة لأغلب شعوب الأرض في إنجلترا وأستراليا ونيوزلندا وأمريكا وكندا وألمانيا وحتى جنوب أفريقيا والصين والبرازيل وسكان التبت والمجر، يخلدون للنوم بعد وقت بسيط من غروب الشمس، ويستيقظون قبل شروقها، إن الله خلق الإنسان وسخر له الليل والنهار، فجعل الليل للنوم والراحة والهدوء وإمداد الجسم بالطاقة اللازمة التي تمكنه من القدرة على القيام بواجباته النهارية على أكمل وجه، وجعل النهار لكسب الرزق والعيش والركض والبحث والعمل، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}، إن النوم يعد من الأمور المهمة للإنسان، وأي شخص لا يأخذ القدر الكافي والمناسب لاحتياجاته من النوم يتعرض لأضرار صحية وجسدية، ويؤثر على نفسيته ويصاب بالقلق والتور والشتات الذهني والأرق وعدم التركيز، إن النوم مبكرا والاستيقاظ مبكراً يعود بالفائدة الجليلة على الإنسان، توصل تقرير لجامعة تكساس في عام 2008 إلى أن الطلبة الذين يستيقظون مبكراً يحصلون على معدل عام 3.5 مقابل 2.5 للأشخاص الذين ينامون في وقت متأخر، في نفس تلك السنة، توصل أستاذ في الجامعة الألمانية للتعليم في هايدلبرغ إلى أن الذين يستيقظون مبكراً بين الخامسة والسادسة صباحاً، هم أكثر نشاطا وإنتاجية من زملائهم الذين يظلون مستيقظين حتى أوقات متأخرة من الليل، فهم أفضل في توقع المشاكل التي قد تحدث ويحصل أغلبهم على وظائف أفضل، ووجدت دراسات أخرى، أن الذين يحرصون على الاستيقاظ في وقت مبكر من الصباح يكونون أكثر تفاؤلاً وينجزون أعمالهم وفق ما يمليه ضميرهم، يقول العديد من رؤساء الشركات التنفيذيين الناجحين إنهم ممن يستيقظون مبكراً، فيقول جيف ايميلت، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك وجاك دورسي المؤسس المشارك لشركة تويتر التي تدير الموقع الاجتماعي الشهير إنهما يستيقظان في الخامسة والنصف صباحاً، أما المدير العام التنفيذي لشركة بيبسي كولا إندرا نويي، وتيم كووك، المدير العام التنفيذي لشركة آبل، يستيقظان قرابة الساعة الرابعة والنصف صباحاً، أما فيتّوريو كولاو، المدير العام التنفيذي لمجموعةفودافون فهو يستيقظ في السادسة صباحاً، ولذا فإنه من الناحية النظرية فإن الأشخاص الذين يعتادون على السهر لوقت متأخر ويغيرون من نمط حياتهم للاستيقاظ مبكراً سيكونوا أكثر نجاحاً وفلاحاً وإنتاجية، ولكن هل نستطيع حقاً أن نولد الرغبة في أنفسنا لكي تكون كذلك، أو أن ندرب أنفسنا لكي نصبح أشخاصاا ننام في الليل باكرا ونصحو في النهار باكرا؟ علينا أن نجرب ذلك، وعلينا وجوب أن نغير سلوكنا في النوم والسهر، علينا أن نعتاد الذهب إلى فرشنا في الساعات الأولى من الليل، سيكون الأمر متعباً في البداية، لكنه سيكون مثمراً بعد حين، جربوا، ناموا باكرا، اصحوا عند الفجر، استحموا، صلوا، احتسوا قهوتكم المفضلة، تناولوا بعض الفطور، ستشعرون عندها بالنشوة والحيوية، وستنجزون من أعمالكم اليومية والعملية الشيء الكثير، جربوا ذلك ولو لأسبوع واحد، حتماً ستجدون الفرق والمنفعة والصحة والسعادة.