د.دلال بنت مخلد الحربي
من يتابع الكشوفات الأثرية التي تشرف عليها الهيئة العامة للسياحة والآثار يقف على كم هائل من المعلومات التي تتصل بتاريخ الجزيرة العربية في العصور الغابرة التي تشكل جزءاً كبيراً من الحدود الجغرافية للملكة العربية السعودية، وهذه الكشوفات تمتد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وفي المناطق الصحراوية والمناطق الجبلية في كل منطقة تم العثور على مواد تؤكد على عمق التاريخ الحضاري لهذه المنطقة، وأنها ليست كما تُصور ونصورها نحن منطقة متخلفة لا تعرف الحضارة، يعيش في أرجائها مجموعة من البدو، وتتميز في هذا العصر بوجود النفط فيها.
إن الحضارات التي اكتشفت كانت متنوعة من آثار معمارية وأخرى كتابية وتصويرية، فمن الآثار المعمارية تأتي الفاو على رأس القائمة مع مناطق أخرى اكتشفت قبلها وبعدها تقدم أنماطاً من العمارة، وطريقة تكوين المدن والمناطق الحضرية في الجزيرة العربية.
وفيما يخص الكتابات والنقوش يشعر المرء أن هذه الكتابات والنقوش تناثرت على كل رقعة في الجزيرة العربية وعلى وجه الخصوص المناطق التي تتكون منها المملكة في الوقت الحالي، مشيرة إلى تنوع حضاري لأقوام كانوا في المنطقة.
وكل هذا يدلل على أنها منطقة حضارية موغلة في الحضارة وأنها لا تقل في رقيها وتقدمها عن حضارات في بلاد الرافدين ومصر.
وقدم هذه الحضارة يعود إلى آلاف السنين مما يجعلها في زمن متقارب مع حضارات المنطقة القديمة.
إن من الأشياء التي تحجب المعلومات عن هذه الكشوفات أنها تنشر في الصحف أو يشار إليها بشكل عابر في وسائل الإعلام وهذا يتطلب حاجة ملحة إلى أن تعرض الصور وبعض ما يتم العثور عليه في متاحف أو صالات يتاح للناس من المواطنين والمقيمين مشاهداتها ورؤيتها مباشرة لترسيخ مفهوم قدم الحضارة في مناطق الملكة العربية السعودية، وقد يساعد في تغير نمط التفكير المحلي قبل الخارجي في أن هذه الأرض كانت أرض حضارة شامخة منذ الأزل.