د. خيرية السقاف
جلس الكاتب الشهير إلى المنبر يفضي بحديثه، وهو يتابع بشغف، وقد كان قرأ له كثيرًا، وسمع عنه كثيرًا، وفي حلمه أن يلتقيه، يتحدث إليه، يريه كم من القراطيس قد أباح لها بالإعجاب به، وحبَّرها ليالي وأيامًا بما يعتلج به فكره، جلس بحلمه أمام الكاتب الكبير يصغي إليه منتشيًا مسرورًا، إذ سيتحدث إليه، والكاتب الشهير سوف يصغي له، ولن يتردد عن استلام محاولاته في الكتابة، ولسوف يتبادلان أرقام الهاتف، وأنه ذات يوم سوف يستدعيه لينصحه، بعد أن يكون قد قرأ قراطيسه، وأبدى ملاحظاته، وأنه سوف يفسح له لأن يكتب مثله في أية صحيفة بتزكية منه، كما يعد دائمًا قراءه فيما يكتب من الراغبين، ولن يخذله، كما أكد مرارًا فيما ذكر عن تبنيه للمواهب، إضافة إلى أنه يؤكد لن يتأخر عن منح أحدهم مساحة في عموده الأسبوعي فرصة لهم، كل ذلك مر به شريط في ذهنه، بينما الكاتب الكبير يلقي مقولته، والكل يصغي أما هو فينتظر لحظة المصافحة، ومن ثمة موعد تحقيق الحلم، الوقت كان يمر سريعًا به، ويقترب من حلمه الذي كبر وتضخم في قاعة الإصغاء، والمسافة بين مقعده، ومنبر الكاتب تتقلص..
حانت اللحظة فنهض مسرعًا كي يصافح حلمه باتجاهه نحو الكاتب، لكن حال بينهما رجل أمن، فأطلق صوته: أستاذي أرغب في السلام عليك، وبيده رفع مظروف كتاباته، الرجل نظر إليه بلا مبالاة، ثم بدأ يصافح ويحتضن كبار الحاضرين، لم يعبأ به وهو يسرع من خلفه، ويناديه، والكاتب لا يمنحه سوى نظرة المنتشي بشهرته، ولا غير، وحين وصل للعربة التي ستقله بعيدًا كان هو ينتظره عند بابها، بعد أن وعده أحد المنظمين بأن يتيح له اللقاء بكاتبه الشهير، لكنه استقل العربة ومضى لم يعبأ به، وقف حزينًا خائبًا، يتلقى اعتذار الرجل الذي وعده بفرصة الحديث الذي يحلم به، ذلك لأن الكاتب الشهير لم يتح فرصة لقائك به بحجة أنك غير معروف لديه!!..
:
مشهد من وقائع بعض المشاهير..
يقولون ما لا يفعلون!!..