د. محمد عبدالله الخازم
يوجد في المملكة 84 مكتبة عامة و15 أخرى يفترض تأسيسها تابعة لوزارة الثقافة (الثقافة والإعلام سابقاً) وفق تصريح سابق لمسؤولي الوزارة، يضاف إلى ذلك مكتبات أكثر من 30 جامعة ومكتبات أخرى مثل مكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز وغيرها. أكثر من 100 مكتبة يفترض أن تكون أبوابها مفتوحة للجمهور كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، فهل يرى أحدكم لها أثراً؟ من منكم الذي زار مكتبة عامة مؤخراً؟ هل تشعرون بوجود هذه المكتبات في حياتكم وفي حياة أطفالكم من الجنسين؟ هل لدى القائمين على هذه المكتبات كل على حدة إحصائية بعدد الزوار والزيارات والاستعارات؟ هل يوجد لديهم آلية للتعرف على جمهورهم واحتياجاتهم المختلفة؟ هل نملك الجرأة لنقول إن هذه المكتبة أو تلك لا جدوى منها؟
وجهة نظري، وأخشى أنها الحقيقة المرة، هي أن هناك خللاً واضحاً في نوعية المكتبات ومحتوياتها وآلية الجذب إليها وتوزيعها في المدن والمحافظات والمدن. دعونا نركز على المكتبات العامة بعيداً عن الجامعية والوطنية، وقد تنقلت مرجعيتها من وزارة التعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام والآن حتماً ستكون أحد مكونات وزارة الثقافة، مع اختلاف مسميات الوزارات، هل هناك خطة واضحة لدى وزارة الثقافة لتطويرها أو تحديثها؟
مرجعية المكتبات الإدارية وعزلها مكاناً ووظيفة عما له علاقة بها يفقدها جاذبيتها، بالذات بعدها عن مركز الحي وعن النادي الأدبي وعن جمعية الثقافة والفنون وعن المدرسة. هذه المكونات يغيب عنها التكامل واستفادة كل منها من الآخر، فماذا لو كانت المكتبة جزءًا من مركز الحي الذي يحوي أماكن رياضة وقاعات أنشطة مجتمعية مختلفة؟ ماذا لو كان النادي الأدبي وجمعية الثقافة والمكتبة وحدة واحدة تسمى المركز الثقافي للحي أو المدينة؟ ماذا لو كانت المكتبة مجاورة للمدرسة وجزء منها؟
المكتبات العامة بوضعها الحالي كيانات منفردة بائسة ليست محدثة في المحتويات والتنظيم والجاذبية، وبعضها لو أقفل فلن يشعر بإقفاله سوى الموظف الذي يعمل بها، لذلك أرى أن على وزارة الثقافة أحد أمرين؛ إما أن تعيد ترتيباتها لتكون المكتبات مراكز ثقافية فنية إضافة إلى كونها مكان كتب، كأن تكون ضمن الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون. أو تسليمها لجهات أخرى كوزارة التعليم لتكون جزءًا من منظومتها التعليمية أو وزارة البلديات لتكون جزءًا من مراكز الأحياء أو رعاية الشباب أو مراكز التنمية الاجتماعية.
ربما يكون الحل كذلك في إيكال تشغيلها وإدارتها مع معارض الكتاب إلى شركة متخصصة كما سبق وأن اقترحت في مقال سابق، حيث رأيت أن شركة الكتب والمكتبات قد يسهل على وزارة الثقافة إدارتها بطريقة احترافية بعيداً عن البيروقراطية الحالية، الحاصلة سواء في المكتبات أو معارض الكتب في كل من الرياض وجدة. على كل حال؛ ليس هناك حل وحيد وقد يحتاج الأمر دراسة وعصفًا ذهنيًا من أصحاب الشأن، فما أردته هنا هو مجرد إثارة وضع المكتبات العامة وضرورة انتشالها من الإهمال وعدم الإقبال عليها والاستفادة منها..