تكتسب منطقة الحدود الشمالية أهمية قصوى فهي إحدى المناطق الخمس المستهدفة بالتنمية الشاملة، وتحت أرضها يتوافر أكبر احتياطات العالم من الفوسفات والغاز في منطقة حزم الجلاميد بمحافظة طريف، وتعمل الدولة على استثماره؛ إذ رصدت 26 مليار ريال لإنشاء مدينة صناعية، واقتربت اليوم من إنهاء سكة حديد تربط الحدود الشمالية بالمنطقة الشرقية، ثم منطقة الرياض؛ وهو ما سيجعل المنطقة في حالة ازدهار اقتصادي من جراء نقل الفوسفات، وإقامة مصانع مرادفة للصناعات التحويلية لهذا الخام. كما أن في منطقة الحدود الشمالية كثيرًا من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصر ما قبل الإسلام في محافظتَيْ عرعر وطريف، وتشاهَد في الأساسات الجدارية في قصر «دوقرة»، كذلك مواقع أثرية في رفحاء ولينة.
وعن أثر هذه المقومات الاقتصادية في النمو الاقتصادي للمنطقة التقت (الجزيرة) رجل الأعمال عضو مجلس منطقة الحدود الشمالية السابق الدكتور ياسين بن محمد العلاوي للحديث عن التاريخ الاقتصادي للمنطقة، وأثر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في دفع عجلة التنمية في المنطقة.
الجمارك الحدودية
تحدث الدكتور العلاوي عن التاريخ الاقتصادي للمنطقة قائلاً: عنفوان الاقتصاد لدولتنا الحبيبة في عصر الستينيات كان ينبض من منطقة الحدود الشمالية متكاملاً مع بقية العروق النابضة في مملكتنا الحبيبة التي بدأت ازدهارها من ذلك الوقت حتى عصرنا الحالي الرغيد؛ فالكل يعلم ما تدره الجمارك الحدودية في طريف وعرعر والعويقيلة ورفحاء من دعم مالي كبير من (استيفاء الرسوم الجمركية) آنذاك، وما يتبعها من نشاط تجاري كبير، أسهم في رفع اقتصاد المنطقة بل المملكة من خلال التجارة البينية بين تلك الدول المجاورة، مثل العراق والأردن والشام وتركيا، بل إن البضائع كانت تصل من أوربا الشرقية عبر البسفور التركي، وتصل إلى المملكة وجميع دول الخليج ذهابًا وإيابًا.
الذهب الأبيض والأسود
وعن مميزات ومقومات الاقتصاد الأخرى في المنطقة أضاف الدكتور ياسين العلاوي: ومن الروافد الاقتصادية أن المنطقة منطقة مراعٍ، يتم فيها تربية المواشي بجميع أشكالها، ومدى الاستفادة منها في تغطية أسواق المملكة والخليج، بل إن الذهب الأبيض - وهو صوف الغنم الذي تجاوز تعداده سبعة ملايين جزة صوف - يُصدَّر إلى تركيا، وأصبح الاقتصاد في المنطقة ينمو وينتعش بشكل كبير.
هذا، ويتوافر بالمنطقة ذلك الشريان الرئيسي العظيم، ألا وهو أنبوب خط التابلاين الذي ينقل البترول للتصدير في ميناء لبنان بصيدا؛ إذ بلغ طول أنبوب ناقل النفط ما يقارب 1750كم، وقد خص منطقة الحدود الشمالية بطول يتجاوز 1200كم، تقوم على خدمته رفحاء وعرعر وطريف بمحطات ضخ وتقوية للبترول.
خط الأنابيب
وأضاف: لقد أحيا هذا الخط تلك المدن التي كانت مراعي، وأصبحت مدنًا تزدهر بكل عناصر الحياة الرغيدة، بل تطورت آنذاك إلى ما هو أكثر من ذلك؛ فأصبح بها مطارات ومستشفيات ومحال ترفيهية، سواء داخل محطات التابلاين التي هي مواقع مكائن الضخ أو خارجها؛ فقد ازدهرت تلك البلدان ازدهارًا واسعًا، ونهضت بحضارة واكبت ما تقدمه دولتنا الحبيبة، كالمدارس والمستشفيات والإدارات الخدمية بشتى أنواعها، وأصبح الحلم حقيقة، وأُنشئت الجامعات بفروع متعددة في تلك البلدان.
زيارة الخير والنظرة للمستقبل
وعن أثر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في دفع عجلة التنمية في المنطقة ختم الدكتور ياسين بن محمد العلاوي حديثه للجزيرة قائلاً: ترجمت الدولة اهتمامها الكبير بهذه المنطقة بإنشاء جامعة شاملة، تخدم العاصمة ومحافظاتها ومراكزها والمناطق القريبة منها، وأطلقت الحلم الأكبر للمنطقة، وهي المدينة الاقتصادية «وعد الشمال» التي ستوفر نهضة اقتصادية كبرى، وسيُجلب إليها رأس مال محلي وأجنبي، يسهم في دفع عجلة الاقتصاد والناتج المحلي، ومعه ستتوافر عشرات الآلاف من الوظائف التي تناسب كل التخصصات.
وما زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلا انعكاس لهذا الحرص، وتلمس احتياجات المنطقة، وترجمة للنظرة المستقبلية وتنويع مصادر الدخل القومي؛ ذلك أن النظرة الاقتصادية توسعت، وكثرت المزارع والمراعي، وأصبحت التطلعات أكبر لإنشاء المصانع والمجمعات التجارية الكبيرة.
وكل ذلك بفضل من الله، ثم بفضل ما قدمته حكومتنا الرشيدة متزامنًا مع العدد الهائل من شباب وشابات المنطقة الذين أسهموا في رفع الاقتصاد والخدمات الاجتماعية بواسطة ما حصلوا عليه من تعليم عالٍ حتى ارتقوا إلى أعلى المناصب.