محمد سليمان العنقري
يبدو أن التعليم والتأهيل بالمملكة بات قريبًا من التحول لمرحلة جديدة، تتماشى مع التطور المتسارع بالعالم اقتصاديًّا وعلميًّا؛ فقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى قبل أمس: «وجهنا ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالتركيز على تطوير القدرات البشرية، وإعداد الجيل الجديد لوظائف المستقبل». وقال أيضًا: «إن المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية، وأداتها الفاعلة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز وأمل المستقبل».
فالتوجيه الملكي الكريم يعني بداية تغييرًا جذريًّا بالتعليم والتأهيل، يستفيد من الإمكانيات الكبيرة بالبنية التحتية لقطاع التعليم من خلال آلاف المدارس ومئات المعاهد وعشرات الجامعات التي تتوزع بمناطق المملكة كافة، إضافة إلى مخصصات موازنة التعليم التي تصل لنحو 20 % من الموازنة العامة للدولة، وهي من أعلى النسب عالميًّا، إضافة إلى العامل الأهم، وهو أن نسبة الشباب بالمجتمع السعودي مرتفعة، وتصل إلى قرابة 50 % دون سن العشرين عامًا، وإلى 68 % دون سن الـ30 عامًا، أي أن المجتمع فتي، وهو عامل قوة للحاضر والمستقبل.
فتضمين وظائف المستقبل كأحد أبرز ما تضمنه الخطاب الملكي يكشف عن توجُّه من الدولة للاستعداد للمستقبل الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة بكل أعماله، وباتت هي من يصنع الفارق في التنافسية الدولية، وكذلك ما يميز الدول بجودة وزيادة إنتاجها، ومدى تطوير الموارد البشرية فيها نحو اقتصاد المستقبل ووظائفه التي ستختلف كثيرًا عن واقعنا الحالي، ولن يكون الزمن بعيدًا لنرى ذلك؛ فالتوقعات تشير إلى أنه في العام 2030م ستختفي مليارا وظيفة من العالم يتم شغلها حاليًا، وفي المقابل ستحل وظائف ومهن مكانها، تعتمد على تكنولوجيا متطورة، تقوم على الذكاء الاصطناعي واختزال الكثير من الأعمال من خلال الآلة وبرمجياتها وتشغيلها؛ لتجعل العالم أكثر سهولة ويسرًا.
إن اقتصاد المملكة مع رؤية 2030م وضع خيارًا وحيدًا أمامه بتنشيط قطاعاته كافة التي يملك مقومات النجاح فيها.. وحتى ينجح في ذلك لا بد من الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتطوير الكوادر البشرية.. وهذا بدوره يتطلب تعليمًا وتأهيلاً مختلفًا عن الواقع الحالي بحيث ترتفع نسب القبول والتوجه للتخصصات العلمية، وتتحول الكثير من الجامعات لتلك التخصصات، وترتفع كفاءة الإنفاق بالتعليم بمراحله كافة، ويكون القياس بناء على مدى تطورها بالمناهج والوسائل التعليمية، ومساعدة الطلاب على اكتشاف مواهبهم، وتعريفهم بالتخصصات المستقبلية الأنسب لهم.