م. خالد إبراهيم الحجي
الاستراتيجية هي الالتزام بنمط سلوكي مخطط له ومدروس لوضع الحلول المناسبة التي تواجه منظومات العمل باستخدام منهجيات منظمة، وطرق متطورة، لدفع إدارات البحث والتطوير نحو الفعالية والتنافسية في صناعة أفضل المهارات المهنية، والفوز في سباق الإجراءات العلمية التقنية التي تطور الابتكارات التكنولوجية الحديثة في مجال الأعمال التجارية التي تعتمد على التكنولوجيا الدقيقة ، مثل: المستحضرات الصيدلانية والإلكترونيات أو المجالات الصناعية التقليدية الثقيلة، مثل: السيارات والمعدات العسكرية.. وتحقيق الابتكارات التطبيقية التكنولوجية الحديثة يعتبر القضية الأهم التي تستحوذ على أولويات شركات القطاع الخاص وشركات المساهمات العامة؛ لأنها تعيش في عالم شديد التنافسية يقوم على الآداء المتفوق لأعمال البحث والتطوير، ويعتمد عليه، وهو المحرك الرئيسي لنموها الاقتصادي. وطريقة التنظيم والعمل في مراكز البحث والتطوير تعتمد على نموذجين أساسيين:
الأول: تحويل الأفكار والبحوث العلمية المختلفة إلى تطبيقات تقنية، ومنتجات تجارية، وتصميمها في أجهزة عملية تستخدم على أرض الواقع.
الثاني: تطوير المنتجات التجارية، والأجهزة العملية الحديثة، وزيادة إمكانياتها وسهولة استخداماتها.. ولكن إستراتيجيات البحث والتطوير تواجه عدة معوقات تحبط شركات القطاع الخاص وتفشل جهودها ومحاولاتها كالتالي:
(1) المقاومات المبتذلة مثل تثبيط الهمم الدائم، واصطدامها بالتشكيك المستمر في احتمالات نجاحها وتقدمها وتطورها. (2): كثرة الآراء المختلفة ووجهات النظر المتضادة التي تصدر من الأعضاء المسؤولين. (3): البعد عن الالتزام المهني بسبب التدخلات المرتجلة السريعة المفاجئة من الإدارات العليا التي تتعجل الوصول إلى نتائج عملية سريعة. (4) التكرار المستمر في إعادة الهيكلة في أعضاء فريق البحث والتطوير، والحيرة والاضطراب المستمر، والتردد بين المركزية في اتخاذ القرارات والموافقة عليها من الرئيس الأعلى نفسه، وبين اللامركزية التي توزع الصلاحيات على الجميع كل فرد بحسب اختصاصه وعمله وتمنحها لأعضاء الفريق بالكامل. (5): الاتكالية واللجوء إلى الاقتباس من منتجات الشركات العالمية الأخرى وتطبيقها.
إن تطوير المنتجات التكنولوجية الحديثة ليس حكراً على شركة معينة أو دولة محددة ولكنه ينتقل بين الشركات والدول حسب محاولاتها المستمرة، وجهودها الدؤوبة لتطبيق المواصفات المثالية لإدارات البحث والتطوير التالية:
(أ): اختيار المواقع والمدن المناسبة التي تجذب أعضاء فرق البحث والتطوير، وتجنب المواقع الطاردة لهم، وملاءمة تجهيزاتها وأبنيتها لمجالات البحث والتطوير التي تعمل فيها. (ب): زيادة الميزانيات المخصصة للبحث والتطوير، واختيار الكفاءات العملية والقدرات الاحترافية والخبرات المهنية في فريق البحث والتطوير، وتوزيع الأعمال وتصنيفها على أعضاء الفريق حسب التخصصات المختلفة. (ج): تحليل متطلبات واحتياجات الأسواق العالمية، ومعرفة الاتجاهات الجديدة التي تطور المنتجات التكنولوجية الصناعية، وتزيد إمكانياتها، وتسهل استخدامها. (د): المشاركات العلمية البناءة، والمساهمات العملية الفعالة، والدخول في التحالفات الإستراتيجية مع إدارات البحوث والتطوير في الشركات الأخرى للاستفادة من العلوم والمعارف والمهارات وتبادل المعلومات وترابط الخبرات التكنولوجية.
والمشهد الصناعي العالمي يتغير بسرعة فائقة لمواكبة متطلبات الحياة الحديثة وتلبية حاجات الإنسان المعاصر؛ لذلك يجب على جميع الشركات تطوير منتجاتها وتحديثها وتحسينها وزيادة إمكانياتها وسهولة طريقة استخداماتها باستمرار، مثل: بعض الشركات اليابانية التي أتقنت إستراتيجيات البحث والتطوير وأصبحت تحتل الصدارة في قائمة أفضل شركات التكنولوجيا ومنها: (1): شركة كوداك اليابانية التي كانت رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي منذ (130) عاماً وأعلنت إفلاسها في يناير 2012م، وحلت محلها شركات يابانية أخرى بعد أن طورت تقنيات التصوير الرقمي، مثل: كانون، وسوني، وباناسونيك، وأوليمبس. (2): إستراتيجية شركة أبل الأمريكية التي نجحت في تطوير الجوالات الذكية سهلة الاستخدام ومتعددة الإمكانيات في عالم المستهلك الرقمي، وحلت محل شركة نوكيا الفنلندية التي كانت أكبر مُصنع وبائع للجوالات من عام 1998م إلى عام 2012م ثم تراجعت مبيعاتها في السنوات الست الماضية أمام الجوالات الذكية: الآي باد والآي فون من أبل، وسامسونج والماركات الذكية الأخرى.
الخلاصة:
إن التغلب على معوقات البحث والتطوير يتحقق بوضع إستراتيجيات مثالية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.