د.سالم الكتبي
تتواصل الحملات الإعلامية الشرسة ضد المملكة العربية السعودية على خلفية قضية خاشقجي؛ والتي لن تتوقف طالما أن المملكة العربية السعودية لم تحقق لهم ما يريدون ويستهدفون منذ البداية!! فالمسألة واضحة ولا علاقة لها بالعدالة بل لها علاقة وثيقة بتصفية حسابات سياسية مع القيادة السعودية الشابة، التي يتصور هؤلاء الواهمون أنهم قادرون على التخلص منها بأبواقهم الإعلامية المتهافتة!
فعندما تخصص الفضائيات الممولة من النظام القطري وتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي كل برامجها للهجوم على القيادة السعودية وترويج أكاذيب حول التورط في مقتل خاشقجي، يصبح الأمر واضحاً لكل ذي بصيرة، فلا علاقة للحقيقة بكل ما يحدث، بل هي حالة التربص والصيد في المياه العكر ومحاولة التأثير في الرأي العام العربي والإسلامي بكل الطرق، ولاسيما من خلال فكرة الإلحاح، التي ابتدعها وزير الدعاية النازي «جوبلز»، الذي أسس لفن غسل أدمغة الجمهور، وفق مبدأ اكذب اكذب حتى يصدقك الناس!
لقد تركت كل هذه الفضائيات أخبار العالم منذ أكثر من شهر، بل تركت قضيتها الأساسية، أو ما تزعم أنها كذلك، وتفرغت تماماً للهجوم على المملكة العربية السعودية، وكشفت ما كنت تحاول إخفاءه وينكره البعض من أن الكراهية والحقد هو ما يحرك إعلام قطر وتنظيمات الإرهاب، وليست مبادئ وقيم طالما حاول البعض التمسح بها زوراً وبهتاناً.
تحولت قضية خاشقجي - للأسف الشديد - إلى «قميص عثمان» التي يتاجر بها أعداء المملكة، وللأسف فالرفض والانتقاد بات ينتظر كل ما يصدر عن الجهات الرسمية السعودية بشأن ما يخص القضية، وفي المقابل فإن الترحيب والتسويق والإشادة والتفنن في البحث عن مبررات ومسوغات لكل ما يصدر عن الجانب التركي في هذه القضية!
إنه أمر عجيب للإعلام القطري والإخواني، الذي تخلى عن أي مهنية ولو لمجرد احترام عقل أنصاره والمتعاطفين معه، ما يؤكد فكرة التعصب المقيت التي باتت تخيم على أتباع تيار الإسلام السياسي في المنطقة، فهؤلاء اصطفوا وراء فكرة محددة، يدافعون عنها بغض النظر عن أي شيء، ومن دون وعي بالمتغيرات التي تحدث من حولهم، لدرجة أنك تستشعر أحياناً أنهم قد فقدوا العقل والرشد وغابوا تماماً عن التفاعل مع الواقع، وبنوا لهم عالماً افتراضياً يختلف عن العالم الافتراضي الذي تمثله شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، بل إن عالمهم يتسم بقدر هائل من الانعزالية والجمود والتحجر وصم الآذان عن سماع الحقائق، بل منع العقل من التفكير والانسياق للمنطق!
يستغرب هذا الإعلام تأييد الشعب السعودي لقيادته، ويستنكرون على الجميع دعمهم لقيادتهم، ويتصورون زوراً وخداعاً لأتباعهم أن ما يفعلونه من ممارسات إعلامية تحسب زوراً وبهتاناً على الإعلام، إنهم قادرون على التأثير والتغيير في دول إقليمية كبرى ذات تأثير عالمي، الحقيقة أن تنظيمات الإرهاب والنظام القطري قد راهنوا بقوة على حدوث خلخلة في الموقف السعودي لمجرد شن حملة إعلامية على المملكة، ولكن هؤلاء يتناسون أن السعودية تمتلك من الخبرات ما يجعلها تحتفظ بثباتها وصلابة موقفها في مواجهة الاستهداف الإعلامي، فهي تدرك أن أمور الدول ومصالح الشعوب لا تتحكم فيها فضائيات عميلة وإعلاميون مأجورون، وإلا تحول العالم إلى ساحة للفوضى!
على النظام القطري وفضائيات الإرهاب أن تدرك أن فكرة البث الموجه هي فكرة استعمارية قديمة جداً، ولم تحقق أهدافها بالمرة، رغم أن معظم الإعلام الموجه لاسيما خلال حقبة الحرب الباردة كان إعلامًا يستخدم نظريات تعبوية مدروسة في خطابه الإعلامي لشحن الجمهور المستهدف وتحقيق أهدافه، ولا يميل إلى العبثية والثرثرة الفارغة وفتح مساحات الهواء المدفوعة لكل من يسب ويشتم من دون ضوابط أو رقابة من أي نوع، ولو حفاظاً على حياء جمهور هذه القنوات نفسها! والواضح أن هذه الفضائيات لم تعد تخاطب سوى نفسها، فلا أحد ينكر أن شعبية فضائية «الجزيرة» باتت في الحضيض، وربما بات مشاهدوها أقل من عدد العاملين فيها، بعد أن انهارت صدقيتها وأصبحت مثارًا للسخرية والفكاهة في ظل اللجوء إلى ما يمكن وصفه بـ «استغباء» الجمهور، وفبركة الروايات والقصص الإخبارية، والتلاعب بالأخبار على طريقة «ولا تقربوا الصلاة»، وهي حيل إعلامية مكشوفة كانت تنطلي على المشاهدين فيما سبق، ولكن لم يعد محل من الصدق الآن، بعد أن استفاق الجميع في المنطقة على الحقائق، واكتشفت الشعوب أنها تعرضت لأكبر خديعة في التاريخ الحديث بدعوى نشر الديمقراطية وحرية التعبير، فوجد الملايين أنفسهم بلا مأوى ولا أمان، واستفاقوا على واقع مرير بعد أن أصبحوا أما لاجئين أو نازحين، وفي أحوال أخرى لا يستطيعون الخروج من بقايا بيوتهم المنهارة!
ارحموا الشعوب، فنواياكم الخبيثة باتت واضحة للجميع، والاتجار بقضية خاشقجي - رحمه الله - لن يجدي سوى في الإساءة إلى أسرته ومحبيه وذويه، فليرفع الجميع أيديهم عن قضية باتت بين أيدي العدالة، في مملكة العدالة.