د.ثريا العريض
ورغم أن التفاصيل المروعة التي أكدها البيان قطعت الشك باليقين حول جريمة قتل المواطن السعودي الإعلامي الذي أصبح أشهر من نار على عالم, ما أستغربه شخصياً هو الزخم الإعلامي الهجومي الذي تلقف القضية بتكثيف عالمي غير معقول وغير معتاد لم يحظ به حتى اغتيال رؤساء دول أو علماء ذرة خلال سنوات وعيي ومتابعتي للإعلام العالمي.
وكما تفاجأ الجميع ربما بأهم ما توضح للعالم بعد مأساة جريمة قتل أ. جمال خاشقجي وهو قوة شعور السعوديين بالمواطنة واستنفارهم لحماية الوطن ورفضهم وتصديهم لمحاولة الاستنفار الخارجي لأيّ فوضى حراقة تشعل بجذوة من أيّ مبرر.
وهذا عين العقل.. نرى ما وصل إليه الجوار العربي من دمار ماحق.. وبالتأكيد لا رغبة لنا هنا لأن نصبح هشيماً تذروه رياح ربيع أو خريف أو أيّ فصل يفرض علينا التشرذم وفقدان التحكم في مستقبل البلاد؛ خاصة وقد أشعلت رؤية التحول أحلام الجميع وأضاءت معالم الطريق والطموح.
في التغطيات الإعلامية اللاحقة, ظلت التعليقات والتحليلات تدور وتلف ولا تضيف شيئاً لما قيل واستهلك وكرر على مدى شهرين من التناولات المكثفة في كل وسائل الإعلام, أو تصريحات من استضيف للتعليق على الحدث في القنوات غير المحترمة الحيادية والمغرضة. وعلى رأس الفئة الأخير تستحق قناة «الجزيرة» قصب السبق في الابتذال واستجداء موافقة ضيوفها على موقفها التجريمي المسبق دون ذرة من المهنية, ما اضطر بعض من استضافت من الشرق والغرب إلى مواجهة مذيعيها على الهواء مباشرة بأنها تمارس حملة ابتزاز لا مبرر لها في تناول يتظاهر بالمهنية الإعلامية. وقد ظلت رغم ذلك تبث سمومها واتهاماتها المباشرة لولي العهد السعودي وهي مصرة على نفي أيّ تأكيد أن ليس له علاقة مباشرة بما جرى, وهي علاقة افترضتها دون أيّ أدلة سوى رغبتها هي في الإثبات. وبلا شك القناة التي فقدت مصداقيتها تعمل بتعليمات مباشرة. ما يحدوني للشك جدياً أنها تقوم بحملة ليس فقط لعرض رأي خاص, ولا حتى للانتقام لمقاطعة السعودية لدولة قطر لردعها عن رعاية الإرهاب وقلقلة الاستقرار في الجوار, بل هي تحاول حماية طرف مستتر أو أكثر, ساهم في حدوث الجريمة بمخطط مقصود بحيث ينفذها سعوديون, شجعته على ارتكاب الجريمة في مقر رسمي سعودي حين علمت استخباراتها بأن جمال خاشقحي الإعلامي الناشط المعروف سيكون موجوداً في الموقع وفي تاريخ محدد.
ولا أشك أن المزيد من التفاصيل غير المعلنة أو المعروفة بعد ستتضح, وسنتعامل معها بوعي المحبين للوطن, مصرين على استقرار الأمن والأمان وسيادة العدالة, وأن يلقى كل من كان طرفاً في الجريمة وساهم في المأساة جزاءه المستحق.