رمضان جريدي العنزي
تعد مهنة الصيدلة من أهم المهن التي تحتاج إلى سعودة سريعة، كون الصيدليات أصبحت الآن تنتشر في شوارعنا كانتشار البقالات في كل زاوية وركن ومنعطف، ومع ذلك نجد أكثر العاملين فيها من الوافدين، بينما أبناء وبنات الوطن يعيشون حلم وهاجس وأمنية الوظيفة، لأن بعض أصحاب الصيدليات الخاصة لا يحرصون على السعودة لعدة أسباب من أهمها استهداف الربحية القصوى على حساب المشاركة بإستراتيجية الدولة ورؤية 2030 وأهمها تطوير سوق التنمية والاقتصاد وتوليد الوظائف والاستثمار بالعقول البشرية، والسواعد الوطنية، إن على وزرة العمل، ووزارة الصحة، والغرف التجارية، إن أرادوا مساعدة خريجي الصيدلة بالصورة الأسرع والأوفق، عليهم جميعاً بناء بيئة عمل مستدامة مع قطاع الصيدليات الخاصة، وفرض شراكة حقيقية وفاعلة ودائمة، ووفق ترتيبات معينة ثابتة وملزمة، تعود بالفائدة لمجتمعنا ووطنا على المدى القريب والبعيد، إن دعم وتمكين شبابنا وشاباتنا خريجي الصيدلة، وخلق فرص عمل جديدة لهم، من مهام وواجبات هذه القطاعات الحكومية الهامة، لهذا يجب عليها فرض السعودة على صيدليات القطاع الخاص بشكل كامل دون تأني وبعيداً عن الاستثناءات والتراخي أو طريقة المرحلة مرحلة، مثلما فُرض على قطاع الاتصالات، وقطاع تأجير السيارات، وبعض القطاعات الأخرى، وقد نجح الأمر، أينع وأتى حصاده، إن الأمر جداً مهم كونه سيحل أزمة عطالة لكثير من خريجي الصيدلة، إن عدم تقبل قطاع الصيدلة الخاص للسعوديين والسعوديات، أمر يجب الوقوف عنده والتعامل معه بجدية متناهية، إن عدد الصيدليات المملوكة للقطاع الخاص قد تجاوز ال 10 آلاف صيدلية مرخصة، بحسب المراجع الإحصائية ذات الصلة، ومن المتوقع أن يكون الرقم في تصاعد، ولدينا 21 كلية صيدلة، في جامعات حكومية، و6 في جامعات أهلية، تضخ آلاف الخريجين سنوياً، وهو رقم كبير يحتاج من هذه القطاعات الثلاثة إنتاج خطط عاجلة ثابتة ملزمة ودائمة وليست وقتية، إن توطين الصيدليات سيخفف العبء المالي على الدولة، وعدم الاعتماد عليها في البحث عن عمل من قبل الخريجين، وسيحد من نسبة العمالة الوافدة بالقدر الكافي، وسيخفض نسبة الحوالات المالية للخارج بشكل كبير، إن الشباب السعودي أثبت جدارته ومقدرته في كل مجال يتواجد فيه، بل تفوق على الوافد في كثير من الأحيان بمراحل كثيرة، ولديه القدرة التامة في التأقلم مع العمل أياً كانت ظروفه وعدد ساعاته ومكانه وبعده وقربه، فلصورة النمطية التي كانت تعبر عن حال السعوديين في الحصول على وظائف حكومية، وأعمال يسيرة، وبيئة عمل مغايرة، لم تعد تعبر عن واقع الحال، بل لم يعد غالبية السعوديين ينتظرون الوظائف الحكومية، بل أقدموا على خوض العمل في القطاع الخاص بكل ثقة وجدارة واقتدار، متحدين كافة الصعاب والعوائق والمصدات، وعليه وبناء على المعطيات والشواهد البائنة يجب على هذه القطاعات الحكومية الثلاثة، وبالتعاون بينهم كلاَ وفق عمله الاتحاد التام من أجل سعودة الصيدليات الخاصة بالصورة الأسرع، توظيفاً للسعوديين، وحداً من العطالة بينهم، وتقليصاً للعمالة الوافدة، ووضع الخطوات العملية والإجراءات الحاسمة لحل هذه المشكلة، من أجل مستقبل زاهر لشبابنا ولوطننا الذي يأمل منا الكثير، إن الأمر يتطلب مراجعة شاملة وسريعة لنظام المنشآت الصيدلانية ولوائحه التنفيذية، الذي تم إعداده واعتماده منذ أكثر من 15 عاماً، لأن الوضع قد تغير، وأعداد الخريجين في ازدياد، وللعلم فإن هناك دولاَ عربية عدة تحظر الصيدلة على غير مواطنيها، ففي مصر يمنع القانون المصري مزاولة غير المصري لمهنة الصيدلة، داخل مصر «بأي صفة كانت» وكذلك القانون الفلسطيني، كما تحظر لبنان مزاولة هذه المهنة للأجانب، إلا بشروط معقدة مع الأخذ بالأعتبار بمبدأ المعاملة بالمثل، بينما تمنع نقابة صيادلة الأردن انتساب غير الأردني لها مما يعني عدم قدرته على الحصول على رخصة مزاولة المهنة من وزارة الصحة الأردنية، وينص القانون التونسي المنظم لمهن الصيدلة على أنه «لا يمكن لأي كائن أن يحصل على رخصة الصيدلة إن لم يكن تونسي الجنسية» كذلك يذهب المغرب للتشدد في هذا الأمر، حتى أن ممارسة هذه المهنة تتطلب أخذ الأذن من أمين الحكومة بعد استطلاع رأي وزير الصحة، ويحظر قانون مزاولة المهنة العراقي على غير العراقيين مزاولة مهنة الصيدلة، وفي اليمن هناك قانون يشترط في الترخيص لمزاولة مهنة الصيدلة الجنسية اليمنية، وعليه فإن على وزارة الصحة ووزارة العمل والغرف التجارية الدفع بأصحاب الصيدليات الخاصة بوجوب توظيف أبنائنا وبناتنا من دون غيرهم، كما تفعل غيرنا من الدول المشار إليها آنفاً، فالمواطن السعودي أولى وأحق وأجدر أن يؤخذ بيده ويعتنى به ويوظف، إنني آمل كما يأمل الكثيرون غيري، أن يكون هذا الأمر الحيوي والهام واقعاً حياً ظاهراَ وملموساً، لا ضرباً من الحلم والتأمل والخيال.