تبوك - فائز التمامي:
يُعَدُّ قطاع التعليم من أهم القطاعات التي حظيت برعاية ودعم القيادة الحكيمة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مروراً بعهد أبنائه البررة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله.
وجاءت منطقة تبوك كغيرها من مناطق بلادنا العزيزة لتنال نصيبها من المتابعة والدعم غير المحدود في كل عام لقطاع التعليم في المنطقة.
ولعل المتتبع لمسيرة التعليم في منطقة تبوك يجده قد بدأ على هيئة كتاتيب سواء ما كان منها ما يقام في المنازل في دور أحد المشايخ أو تلك الكتاتيب التي تقام في المساجد والتي يدرس فيها القرآن الكريم وبعض العلوم الدينية والشرعية ومن ثم النحو والإملاء والخط والحساب والتي أضيفت إليها فيما بعد، حيث انتشرت هذه الكتاتيب في منطقة تبوك ومحافظاتها خاصة المحافظات الساحلية وكذلك محافظة تيماء.
وكانت بداية التعليم النظامي في منطقة تبوك في مطلع العام 1344هـ، حيث بدأ التعليم في المنطقة بصفة نظامية على هيئة مدارس، وأول ثلاث مدارس افتتحت في هذا الإطار كانت في كل من محافظات ضباء والوجه وأملج، وسميت باسم المدارس الأميرية ثم باسم السعودية، وأول مدرسة افتتحت بمدينة تبوك كانت في عام 1366هـ كانت المدرسة السعودية، وذلك بتوجيه كريم من جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- وكانت المدرسة السعودية خاصة بالطلاب الذين لم يتجاوز عددهم وقتئذ 40 طالباً وبنيت حينها من الطين والحجارة وعدد غرف المدرسة لم يزد عن 4 حجرات، وكان أهم المقررات المدرسية بها هو القرآن الكريم والتوحيد والفقه والخط والأملاء والحساب.
بعد ذلك توالى افتتاح العديد من المدارس في أماكن أخرى بالمنطقة حيث تم افتتاح مدرستين باسم السعودية في كل من محافظتي تيماء وحقل عام 1370هـ، في حين افتتحت أول مدرسة بمركز البدع عام 1381هـ.
وإدراكاً من وزارة التعليم «وزارة المعارف آنذاك» لأهمية الإشراف المباشر على هذه المدارس عن قرب قامت الوزارة بافتتاح مكتب الإشراف المباشر على التعليم بالمنطقة، وكان تابعاً إدارياً وفنياً لإدارة تعليم منطقة المدينة المنورة، وذلك في عام 1385هـ في حين وصلت أعداد المدارس بالمنطقة إلى 41 مدرسة ابتدائية يدرس بها 7525 طالباً و7 مدارس متوسطة يدرس بها 752 طالباً ومدرسة ثانوية واحدة تضم 230 طالباً.
وتطور عدد المدارس في مختلف المراحل الدراسية في المنطقة بعد ذلك ليصل إلى 76 مدرسة في مختلف المراحل في عام 1397- 1398هـ وهو العام الذي صدر فيه القرار الوزاري برفع مكتب الإشراف على التعليم بمنطقة تبوك إلى إدارة تعليم وفصله عن التعليم في منطقة المدينة المنورة ومنحها كل الصلاحيات اللازمة للعمل كي تمارس مهامها ومسؤولياتها التربوية والتعليمية.
وانطلقت النهضة التعليمية الشاملة التي شهدتها منطقة تبوك مع تولي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز مقاليد إمارة منطقة تبوك في عام 1407هـ، إذ حرص سموه على الاهتمام بقطاع التعليم وأخذ العمل التعليمي في المنطقة يتصاعد وينمو ويتطور في خطوات مستمرة عاماً بعد آخر -بفضل من الله عز وجل- ثم بالمتابعة الدؤوبة من سموه الكريم وبدعم ورعاية كريمة من القيادة الحكيمة لهذا الوطن الكبير.
وتضم المنطقة خمسة مراكز إشراف على التعليم في محافظة أملج وتأسس عام 1411هـ، ومركزان في محافظة الوجه وتيماء تأسسا عام 1419هـ، وواحد في محافظة ضباء تأسس عام 1420هـ وآخر في محافظة حقل تأسس عام 1424هـ وذلك للإشراف على مدارس تلك المحافظات والمراكز التابعة لها.
ولم يقتصر التعليم في المنطقة على التعليم العام بل تعداه إلى التعليم الفني والمهني والمعاهد المتخصصة كمعهد التربية الفكرية الذي تأسس عام 1414هـ ومعهد الأمل للصم الذي تأسس عام 1409هـ، وكذلك عدد من الوحدات الصحية المدرسية في كل من تبوك والمحافظات والمراكز التابعة لها، وذلك لتقديم الخدمات العامة للطلاب ولكل العاملين في حقل التعليم بالمنطقة إضافة إلى التوسع في المدارس الليلية ومراكز محو الأمية وازدياد عدد المدارس الأهلية في المنطقة، كما تأسس كذلك مركز الملك فيصل الكشفي في عام 1400هـ لممارسة المناشط الكشفية لطلبة المنطقة وما زال يقدم خدماته خصوصاً في مواسم الحج والعمرة.
أما بالنسبة للأنشطة الرياضية والثقافية والعلمية والفنية والاجتماعية فقد أتيحت للطلاب فرصة ممارسة مختلف هذه الأنشطة إضافة إلى عدد من مراكز تنمية هوايات المبدعين كما انتشرت مراكز أندية الحي والأندية الموسمية وتوسعت بالعشرات في كل عام.
أما في مجال تدريب منسوبي التعليم بالمنطقة وتزويدهم بالخبرات الضرورية لهم من أجل رفع كفاءاتهم العلمية والإنتاجية بما يتواكب مع روح العصر وتطوره فقد عقدت لهم كثير من اللقاءات التعليمية إلى جانب العديد من البرامج التعليمية، وذلك من خلال مركز التدريب التربوي والابتعاث الذي تأسس في عام 1419هـ حيث استفاد من هذا المركز آلاف المتدربين.
وكان لجائزة التفوق العلمي طيلة أكثر من 30 عاماً هو عمرها بعد أن وضع بذرتها الأولى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك -حفظه الله- الأثر الفاعل والبناء في تحسين مستوى التحصيل الدراسي لطلاب وطالبات المنطقة من خلال ما أوجدته فيهم من تنافس شريف يبعث على التفوق والذي يعد جانباً مهماً لارتقاء مستويات الطلاب كهدف تربوي وتعليمي سعى إليه سموه الكريم منذ لحظة توليه الإمارة لهذه المنطقة مؤكداً في الوقت نفسه بأن العلم والتعليم دعامة من دعائم بناء الأمة الإسلامية وأن تكريم الطالب المتفوق ما هو في الحقيقة إلا رمز لتكريم رجال العلم وأهمية التعليم في استثمار طاقات الشباب الهائلة لخدمة هذا الوطن الغالي.
واليوم تبلغ مدارس منطقة تبوك نحو 1360 مدرسة (للبنين والبنات) في مختلف مراحل التعليم العام ورياض الأطفال تضم في جنباتها ومرافقها أكثر من 220 ألف طالب وطالبة ويشرف عليهم أكثر من 19 ألف معلم ومعلمة وما زال التعليم في منطقة تبوك يحظى باهتمام وبدعم القيادة الحكيمة وحرصها التام على تطويره وتقدمه الأثر الإيجابي والفاعل في دفع مسيرة التنمية والتقدم في هذه البلاد عامة ومنطقة تبوك خاصة مع ارتفاع المؤشر الحقيقي لنجاح خطط التنمية -بإذن الله- ما دامت يد العطاء سخية وتسير وفق طموحات القيادة الحكيمة لهذه البلاد الشامخة والتي تنظر إلى هذا التقدم على أنه سمة عصرية لازمة لمسايرة ركب الحضارة وازدهار الأوطان وتقدم الإنسانية.