هناك وسائل عديدة في قتل البهجة الطبيعية خصوصاً لتلك الحفلات القديمة، المليئة ببعض العصائر والشبيسات، وإن أصبحت مكلفة كان بها قالب كيك، وكانت الفرحة تقطع إلى أنصاص للمشاركة، والهدايا هي ابتسامة طفل في يده حلوى.. والعين للعين قبل الدار للدار.
شيء تغير في هذا الزمان لم تعد بهجة احتفالاتنا حاضرة في البداية، باتت المادة تحضر أولاً، وتليها أزمات قلقنا من أن يكون ما جلبناه لا يكفي.
يؤسيني أني بسيطة وهناك جمع غفير يشبهني بالبساطة، ولا يمكن للبساطة أن تنتصر إن كان مؤيدو التكلف هم من يظهرون، وبهجة الأيام البسيطة تسرق.. والمادة تنهب، والراحة نفذت.
ففي الألفية وفي ظل الغزو العالمي من وسائل التواصل الاجتماعية لمنازلنا وعقول أبنائنا تظهر غزوات للعقول والأفكار، ولكن هناك غزوا جديدا.. يطلق عليه غزو البهجة من الفئات المتواجدة، خصوصاً تلك الفئة: فئة المشاهير.
لكل شيء حدان، أمر قد يقتلك وآخر قد ينجيك، ولهذه البرامج حد جعل منا فاقدين لبهجة الاحتفالات البسيطة إن لم تكن أنيقة بقدر الاحتفالات التي نراها في برامج التواصل الاجتماعية، فقدنا الغرض الأساسي من إقامتها وتحولها من احتفالية إلى إرهاق للنفس واستنزاف للمادة..
حتى أن هذه الاحتفالات لم تتجه فقط لوجهة معينة إنما تعين عليها أن تكون بلا أسباب أو بأسباب واهية، في وضع الأمور المادية والاحتياجات الحياتية، فإن كنت تود إقامة حفلة فأقل واجب هو أن تجلب العديد من الأمور الباهظة، يجب أن يتواجد لديك العديد من الأطعمة، والعديد من المشروبات الساخنة والباردة..
ويجب عليك أن تأتي بمأدبة عشاء وتملأ بها أطول ركن لديك،
أصبح النظر منصبا على حياة هؤلاء الفئة واحتفالاتهم، وأنه أمر يجب أن يقام لدى الجميع، متناسين الفروق المادية والطبقات الكادحة التي لا تستطع جلب قوت يومها، وتنام أعين شاهدتهم وتمنت نصف حلوى،
فكيف تقبل أن تكون مشهوراً إن لم يكن لديك رسالة تحملها للآخرين، فكلنا رسل في هذه الأرض ومن الواجب إيصال هدف أرقى وأسمى من هذه الترهات التي تُحدث في وسائل التواصل الاجتماعية، والموجات العارمة من مشاهيرها التي لا تكف عن إغراق أصحاب النفوس الضعيفة،
نحن لا نسلط الضوء على النوايا فمن أعلم ما في القلوب غير الله،
ولكن نطالب من هذه الفئات أن تكون أقرب لأرواح الله الجائعة مراعيًة للمشاعر الموجوعة، ولليد القصيرة، وللأرزاق المخبئة التي لم تدنُ لأصحابها بعد..
أنت رسول في هذه الأرض فلا تكن عاماً بالفساد، منحلاً عن أحوال الأمة، متناسياً لمن ينام دون سقف، مستمتعاً لتصوير ما تحصل عليه بسهولة بالغة.. فكم من صورة صنعت العديد في قلب إنسان، وكم من قلبٍ قد تأذى، فأنت محاسب أمام الله على كل شخص في مشاهداتك قبل أن تكون مُحاسباً للناس في رفع قيمة إعلاناتك لازدياد العدد!،
وحساب الله أثمن..
فلست بحاجة قاعة باهظة لإقامة احتفالية صغيرة، أو لمنسق حفلات، أو العديد من الأطعمة والتقديمات!
فالمغزى يكمن في السقف الذي يحيطك مع من تحب، في اقتسام الأفراح عند اقتصاص قطعة كيك من سعادة ومشاركته مع من تحب، في الضحك معه، في استشعار النعم، في النظر إلى أحوال الآخرين، والابتسامة عند وضع المال في يد فقير أعياه التعب.
فالمسلم عون أخيه المسلم، لا قاهراً لبني أمته، وعندما تتعدد الوسائل كلٌ يختار وسيلته في إيصال رسالته.
استخدم ما أعطاك الله بفطنة لا «بطفرة».