«الجزيرة» - عبدالعزيز بن سعود المتعب:
(رأي) مساحة عبر صفحات الأدب الشعبي في صحيفة «الجزيرة» نُوثِّق من خلالها آراء الأدباء والمثقفين والمتخصصين في كل ما له صلة بالأدب الشعبي.
ينبغي في رأيي أن نتعامل مع ازدواجية للغة بأفق مفتوح وعقلية مرنة، وألا ننصرف عن الإبداع باللهجة لمجرد أنه كتب بهذه الأداة اللغوية، مثلما أنه لا يصح أن نحكم على قصيدة بأنها جيدة فقط لأنها كتبت بالفصحى.
إن ديوان الشعر العربي الفصيح مليء بقصائد رديئة لم تشفع لها فصاحة الأداة، فالشاعرية والإبداع يتحققان بمجرد اختيار مستوى لغوي محدد، وإنما من خلال الطريقة التي يستخدم فيها هذا المستوى اللغوي، لذا فإن جعل الهوية اللغوية معياراً أولاً وأخيراً للإبداع خطأ واضح لا يصعب التدليل عليه.
إن الإعجاب بالشعر الشعبي والاهتمام به ودراسته لا يعني جعله بديلاً للفصيح، كما أننا الآن ونحن نتحاور في أمر الشعر الشعبي أو نقوم بكتابة دراسات وقراءات له، إنما نستعمل اللغة العربية الفصيحة، بمعنى أن الاهتمام باللهجة يظل محصوراً في النصوص نفسها ولا ينسحب على ما تكتبه عنها.
وأخيراً فإن هناك صفة يوسم بها الشعر الشعبي وهي سمة «الفكر العامي» والحقيقة أن الفكر العامي يمكن أن يوجد أيضاً في قصيدة فصيحة مثلما يمكن أن يوجد في قصيدة عامية اللهجة ولا علاقة للأمر باللغة نفسها وإنما بالشاعر نفسه الذي قد يتصف بفكر متخلف تجاوزه العصر، لذا فإن هذا النوع من الفكر سيؤثر فيما ينتجه لنا هذا الشعر، إن كتب قصيدة فصيحة أو أخرى باللهجة.
إن الحديث يطول في هذا المقام، الذي يهمني أن أؤكده أن في بعض النصوص الشعبية إبداع لا يمكن إغفاله، وأن الاحتفاء بهذا الإبداع لن يؤثر في مكانة اللغة الفصحى في عصر العلم والتنوير.