سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل يمكن تطويع النظام، لكي يناسب موظفاً معينا؟ أم أن النظام وضع لجميع الموظفين بدون استثناء؟ وهل بعض الأنظمة تطبق على بعض دون بعض؟ وهل توجد استثناءات! وكيف يتصرف الموظف العادي مع هذه الأسئلة وهذه الفروقات!؟.
ما يثير الإعجاب والتساؤل هو تكرار كلمة «بعض» في الفقرة السابقة، وكأن هذه المقالة قائمة على بعض دون بعض! كما هو النظام في بعض الدوائر الحكومية!!!
ليس خافياً على البعض وجود استثناءات معينة لبعض الموظفين، تمنحهم صلاحيات لا تخول لزملائهم الآخرين، ومن بين هذه الصلاحيات، إعفاؤهم من نظام البصمة، الذي يثبت الدخول والخروج وساعات العمل للموظف، وبناءً عليه يمكن تتبع انضباط الموظف من عدمه، وفي نظام البصمة وإعفاء البعض منه، لدي عدة تساؤلات، سأحاول تسليط مشرط النقد عليها، وهذا المشرط بطبيعة الحال لن يعجب البعض!.
* هل يمكن الاعتماد على نظام البصمة في إثبات وتوضيح الإنتاجية الحقيقية للموظف؟ في الحقيقة لا يمكن ذلك، فنظام البصمة خاضع لإثبات الحضور والانصراف والساعات التي يقضيها الموظف، فمثلاً: لو كانت البصمة الساعة الثامنة، وحضر الموظف على رأس الساعة الثامنة، وقام ببصمته، وفي تمام الساعة 2 قام ببصمته، وخلال الساعات بين البصمة الأولى والأخيرة، لم يقم بعمل شيء ما، أو لنقل لم ينتج شيئاً ما، هل يحاسب على ذلك؟ كل ما في الأمر أن المسؤول عنه سيكلفه ببعض المهام، وقد يتقاعس أو يتأخر ...إلخ، ولكن ما هو مؤكد أنه على حسب النظام حاضر على موعده، وكذلك منصرف على موعده، بغض النظر عن الإنتاجية!.
* الموظف في التساؤل الأول أرحم بكثير من الموظف الذي يعفى- بقدرة قادر- من نظام البصمة! ولا أدري حقيقة ما هو النظام في مثل هكذا حالات، هل يحق لمسؤول معين تقرير من يبصم ومن لا يبصم؟ وبغض النظر عن الإجابة عن ذاك التساؤل، لدي وجهة نظر مع هذا النموذج. لماذا قد يلجأ مسؤول ما لإعفاء أحد موظفيه من نظام البصمة؟ بحدود معرفتي البسيطة والمتواضعة التي «تتجاوز في بعض الأحايين أرنبة أنفي»! يمكن إرجاع ذلك لعدة أسباب من بينها :
* نظرته لهذا الموظف على أنه مميز عن غيره، ويستطيع الإتيان بما لم تأت به الأوائل، ونظام البصمة سيشل قدرته، ويكبح جماحه، ويقلص حريته، ويحجب إبداعه!.
* يرى المسؤول أن الإعفاء نوع من الحوافز للموظف لكي يختلف عن غيره من الموظفين مما يشكل دافعاً له، لتقديم رؤى وأفكار إبداعية،،، لا يستطيع غيره ابتكارها.
* قد يعد المسؤول هذا الإعفاء من صميم صلاحياته، وهو خيار جيد في يده، يستطيع التلويح به، لكي يجعل الموظفين يحاولون الحصول عليه والظفر به، وفي نهاية المطاف سيمنحه لبعض دون بعض.
هذه مجموعة من التساؤلات، ولكن ما يثير إعجابي حقا، ليست هذه التساؤلات التي يراها البعض لا معنى لها، أو أنها من باب الفضول - كأن يقول لي شخص مالك دخل وخلك في شغلك- ما يثيرني حقاً هو نظام الإعفاء وعلاقته بإبداع الموظف! وما علاقة البصمة في كبح جماح الإبداع. ولو الأمر رجع لي- ولا أظنه يكون كذلك لكوني لا أرى أبعد من أرنبة أنفي كما يقال لي أحياناً- لفرضت البصمة على الكل دون استثناء، وبخصوص المقربين الذين أريد تميزهم عن غيرهم، سأجعل لهم إحصائية شهرية، أحسب من خلالها ساعات العمل التي لا أقيدهم بها، والإنتاجية التي تمت من قبلهم؟ فمثلاً لو أثبتت الإحصائية أن الموظف الخارق المستثنى من نظام البصمة مكث في مكان العمل 20 ساعة خلال شهر، سأنظر وأقارن الإنتاجية التي حققها، وهل فعلاً إنتاجيته عالية، ويعمل في كل مكان، وفي اليوم عموماً من دون أن يقيده مبنى العمل أو ساعات العمل الرسمية، إذا كان كذلك فلا يهم حتى لو أثبت جهاز البصمة حضوره ساعة واحدة فقط في الشهر، لكون إنتاجيته عالية جداً، ولكن المشكلة تكمن من وجهة نظري في غياب عملية المقارنة بين الإنتاجية وساعات العمل، فالمُعفى من البصمة لا يمكن مقارنة حضوره مقابل إنتاجيته لكونه لا يملك إلا الإنتاجية فقط، ولا أفهم حقيقة لماذا لا يتم إثبات الحضور مع مقارنة الإنتاجية من دون إلزامه بساعات معينة يقضيها في مكان العمل؟ عندها يمكن الحكم وبشكل جلي واضح، ومهني، فيما لو كان هذا الموظف يستحق الإعفاء من نظام البصمة أو لا؟
يبقى السؤال الأهم وهو هل يملك المسؤول هذا الصلاحية التي تخوله إعفاء بعض الموظفين دون بعض؟ وإذا كان كذلك هل يتساوى الذين يبصّمون مع الذين لا يبصّمون؟ لا تنتظروا مني الإجابة على ذلك السؤال العصي على فهمي وإدراكي... فأنا دائما ما أقول «علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا».