يوسف المحيميد
منذ عقود، كانت المملكة تحاول اكتشاف مصدر جديد للطاقة، رغم أنها تنام على بحر من النفط، وذلك عند إنشاء القرية الشمسية في العيينة عام 1980، حينها كانت المعطيات العالمية في توليد الطاقة من الشمس مختلفة تمامًا عما هي عليه الآن، وما يحيط بها من اهتمام عالمي متزايد بالطاقة المتجددة، وانخفاض كبير في تكلفة إنتاجها، بلغت 58 بالمائة خلال الأعوام الخمسة الماضية، ويتوقع انخفاض التكلفة أكثر بنسبة 40 إلى 70 بالمائة بحلول العام 2040، مما يؤكد اعتماد استخدامها لدى معظم الدول في جميع أنحاء العالم.
ومع هذا الاهتمام المتزايد في المملكة، البدء في تنفيد مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، ووضع أولى خطوات البرنامج الوطني للطاقة المتجددة موضع التنفيذ، فإن كثيرًا من الخبراء والمختصين يتوقعون أن تصبح المملكة إحدى أهم منتجي الطاقة الشمسية في العالم، وأن تتمكن خلال سنوات مقبلة من تصديرها إلى العالم، لتصبح أكبر منتج للطاقة التقليدية والطاقة المتجددة عالميًا، خاصة أن بيانات الأشعة الشمسية لوكالة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا، أظهرت أن أجزاءً كبيرة من السعودية جاءت في المرتبة الثانية عالميًا بعد صحراء تشيلي في توليد الطاقة الشمسية... نعم إنها أرض النفط، أرض الشمس أيضًا.
هذه المؤشرات المهمة، في جعل المملكة من أهم منتجي الطاقة في العالم، سيعزز قدراتها في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، سواء في الداخل أو الخارج، فعلى سبيل المثال، نحن نعاني من ندرة المياه، ونعتمد كثيرًا على عملية تحلية المياه المالحة، وذلك يتطلب المزيد من استخدام الطاقة، خاصة الطاقة التقليدية، لذلك قد تسهم استثماراتنا في الطاقة المتجددة في توفير الطاقة لتحلية المياه، وهذا يعزز حاجتنا إلى إستراتيجية وطنية لتعزيز استثمار الطاقة الشمسية في تحلية المياه، نظرًا لاعتبار الأمن المائي لا يقل أهمية عن الأمن الوطني على المستوى المحلي.
هذه الاستخدامات التي تعتمد على الطاقة، وغيرها الكثير، تحتم علينا الدخول بكل قوة وثقة نحو عالم الطاقة المتجددة، كعنصر مهم وأساس في مزيج الطاقة، والبدء في استخدامها في منازلنا ومدارسنا ومساجدنا، وفي جميع أوجه حياتنا اليومية.