محمد سليمان العنقري
قبل أيام قال معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة ببرنامج «في الصورة» الذي يقدّمه الأستاذ عبدالله المديفر إن الوزارة طرحت قبل عدة شهور 22 ألف وظيفة طبيب أخصائي واستشاري ولم يتقدَّم لها سوى 86 طبيباً وهو ما يدلّل على النقص والانكشاف المهني بمهنة الطب البشري بالمملكة.
فنسبة الأطباء السعوديين بكافة قطاعات الصحة بالمملكة تبلغ 26 % من أصل حوالي 90 ألف طبيب وطبيبة، أما في وزارة الصحة فنسبة الأطباء السعوديين 32 %، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا النقص الكبير بعدد الأطباء؟ ولماذا لم يتم وضع خطط منذ سنوات لمعالجة هذا الانكشاف المهني بتخصصات حرجة لا بد أن تكون نسبة المواطنين فيها هي الأكبر بين من يشغلونها بكافة قطاعات الصحة وليس الوزارة فقط.
فالمشكلة لا تتعلّق بجهة واحدة فمعالجة هذا الملف تتطلب جهداً وتكاملاً وفق خطة تضعها عدة جهات معنية على رأسها وزارة الصحة ومعها وزارة التعليم من خلال الجامعات ووزارة الاقتصاد وكذلك المالية، فعدد كليات الطب بالمملكة 23 كلية تقريباً لكن عدد الدارسين فيها حالياً لا يصل إلى 20 ألف طالب وطالبة، أي أن من يدرسون الطب البشري بالمملكة أقل من عدد الوظائف التي طرحتها وزارة الصحة مؤخراً، أما عدد الخريجين سنوياً فيتراوح إلى حوالي 3000 طبيب وطبيبة وهو رقم محدود جداً قياساً بحجم الإنفاق الضخم الذي تم على إنشاء كليات الطب والمستشفيات الملحقة ببعضها بخلاف موازناتها التشغيلية السنوية أي أن القبول لا بد أن يتضاعف عدة مرات لكي نقلّص حجم الفجوة بهذ الانكشاف المهني لأقل نسبة ممكنة خلال عشرة أعوام على ابعد تقدير.
فالآلية الأفضل أن تحدد وزارة الصحة احتياجها وخطتها لرفع نسبة الأطباء السعوديين لمدة عشرة أعوام وتكون الخطة تفصيلية، أي يتم تحديد الاحتياج بكل منطقة ويتم على أساس ذلك رفع عدد المقبولين بكليات الطب بعد تجاوز السنة التحضيرية وتكون الخطة مرنة بما يسمح بتعديلها وفق مستوى تحقيق أهدافها للمستقبل إضافة للبرامج التي تلي التخرّج من خلال التحول للاختصاصات التي يحتاجها السوق عموماً.
الحديث عن الانكشاف الكبير بعدد الأطباء السعوديين من الجنسين ليس بجديد لكن تأخر الحلول يضاعف المشكلة ويرفع التكاليف، فجزء كبير من موازنة الوزارة يذهب للرواتب وما بحكمها نتيجة قلة عدد الأطباء المواطنين والحاجة للاستقدام من الخارج، ومعلوم أن مهنة الطب مطلوبة بكل دول العالم ولذلك لا بد من أن تكون الحلول لتغطية الطلب عليها محلياً مع توفر هذا العدد الضخم من كليات الطب وكذلك الإمكانيات المادية الكبيرة، فالمطلوب هو رفع كفاءة إنفاق الجامعات وتوزيع موازناتها من جديد بما يرفع القبول بالتخصصات الملحة كالصحية والعلمية عموماً ولكن وفق ما تضعه وزارة الصحة من تصور لاحتياجها وتقيسه وزارة الاقتصاد والتخطيط ضمن برامج التحول التي تتابعها وتوفير الموارد المالية لكافة مراحل التعليم والتأهيل للطلاب أطباء المستقبل.