رقية سليمان الهويريني
فيما مضى لمستْ وزارة الصحة معاناة المجتمع السعودي من ضآلة مادة اليود في الأطعمة التي يسبب نقصها تضخم الغدة الدرقية وحدوث تلف لأدمغة الأجنة والأطفال حديثي الولادة، وتأخر التطور النفسي والحركي لهم، لذا سعت لمكافحة اضطرابات نقص اليود من خلال المطالبة بتدعيم الأطعمة بالفيتامينات والمعادن الضرورية للنمو، وإضافة عناصر غذائية قليلة الكمية لبعض الأطعمة المعتاد تناولها كإضافة اليود لملح الطعام، وبحمد الله بدأ المرض بالتقلص ومن ثم تلاشت نتائجه السيئة، كما جرى تدعيم الألبان بفيتامين (د) لمحاربة الكساح الذي تأثر به عدد كبير من المواليد، وتسبب بمرض شلل الأطفال. وحديثاً عمدت الحكومة لتدعيم بعض الأطعمة بحمض الفوليك لأهميته بالوقاية من مرض عدم اكتمال انغلاق الحبل الشوكي لدى الجنين.
ولعل كثيراً من المواطنين لا يعلمون عن برامج دعم الأطعمة الفقيرة بالمعادن الغذائية الثمينة، بما يؤكد أن مهمة الحكومة لا تتوقف عند توفير الأمن والتعليم والوظيفة؛ بل وحتى الحفاظ على صحة مواطنيها بدعم مأكولاتهم وهم لا يشعرون!
ولا شك أن تعزيز الطعام بالعناصر الغذائية يهدف لاستعادة الفقد الذي يحدث أثناء التجهيز للأغذية وتصنيعها وتخزينها، ويأتي للحفاظ عليها وتحسينها، وإمكانية زيادة مستوى عناصر غذائية محددة في الغذاء، فضلاً عن توفير أغذية متوازنة في محتواها للفئات الخاصة مثل أغذية الرضع والرياضيين والأغذية العلاجية.
والتدعيم ليس مكلفاً؛ بل اقتصاديا مقارنة بالنفقات التي تصرف على العلاج والإعاقة وقلة الإنتاجية وصعوبات التعلم نتيجة فقر بعض الأطعمة بالمعادن اللازمة لحياة الإنسان بصورة صحيحة، ويعتبر حلاً طويل الأجل لعلاج بعض الأمراض، وهو سهل التطبيق، ولا يتطلب تغييراً في العادات الغذائية، وتعود نتائجه على المواطنين بالفوائد الصحية والاقتصادية.
والحق أن تدعيم المواد الغذائية يشغلني لا سيما مع تفشي المأكولات السريعة التي حلت محل المأكولات التقليدية الغنية بالمواد الغذائية والمعادن المفيدة، لذا لابد من التوعية الغذائية وتنويع مصادر الأطعمة لجدواها على المدى الطويل. والأمر يتطلب وعياً كافياً، وفكراً متفتحاً؛ لأنها تستوجب تغييراً في عادات وسلوك الأفراد.