لأنه الشتاء .. فهو وحده من يتقن الطرق على الأبواب والشبابيك كيمامة تبحث عن دفئاً خفياً.. يسري في جوانحها ويمسك أجنحتها عن التحليق بعيداً عن أعشاشها..
كشجرة بائسة تحتمي بآخر أوراقها من لذعة شتوية قاتلة..
لأنه الشتاء.. فهو وحده من يستحق الاحتفاء به بين شموع الليل.. وحطب القلب يشتعل قصيداً وشجناً.. ويربت على أوراقه الصفراء المغادرة نحو الأفول..
لأنه الشتاء.. فهو القادر على توقد النجم.. والشهب.. والضرب على معزوفة الشعر القديمة.. فهي كل ما تبقى من معطف الليل للشاعر الشارد في ملكوت فصوله الهاربة.. وآخر أبوابه المغلقة..
لأنه الشتاء.. أيقونة الحنين المخبأة تحت جيوب اللا مبالاة.. تدثر الدمع بسحائب الغرور وعنفوان النخل.. وأعلن الهزيمة ذات ليل..
لأنه الشتاء.. فقد باتت الحكايات تغزل أطرافها بالشوق.. وتبلله بنهايات نارية تهزم فيها روح الثلج.. والعنجهية القاتلة..
** **
- د. أمل العميري