عبد الله الماجد
تنتهي قصة «الرحيل», بهذا «الاسترجاع Analepsis» على هذا النحو:
«وفي مدخل الدار كانت هناك شبه مناحة من بكاء النساء وعويلهن على حبيبتهن أم سالم. حتى النساء اللائي كن يغبطنها, كنّ من أشد الناس جزعاً على فراقها، وقبل أن يغلق الباب على البيت المهجور، كانت أم سالم تلقي نظرة على أغنامها، ثم شعرت بما يشبه الشلل وجلست تعول وتنوح.
أراد أبو سالم أن ينهضها، فلم يستطع, ثم أقسمت جهد يمينها, أنها لن تبرح مكانها إلا بعنزها «الربشاء» وأولادها. لم يكن الوقت كافياً للأخذ والعطاء أو الجدل.
حمل أبو سالم الجدي الصغير على كتفه, وفتح باب الحوش, تتبعه الربشاء وبناتها، وقبل أن تتحرك السيارة, كان رأس أم سالم يخرج من فتحات صندوق الشاحنة, وقد اختلط برؤوس غنيماتها، وكانت النساء يمررن بها يلقين عليها نظرة الوداع، وكان رأس سالم ذاهلاً يفكر في أشياء كثيرة. والشاحنة تتحرك مثيرة وراءها عاصفة من الغبار والدموع».
هذا المقتطف الذي يختتم به الكاتب، قصة «الرحيل», يلخص تلك التحولات التي تطرأ بين المدن والقرى، وما تشكله المدن من عامل جذب لرحيل أبناء القرى إليها، مما يُخلّ بالتوازن المجتمعي البيئي في الأقاليم، ولا تزال البيئات البدوية تعاني من هذا الاختلال، الذي أفاض علماء الاجتماع في تحليل ظواهر. وفي هذه القصة، ما بين ذلك الشعور الذي اجتاح أم سالم، وأصابها بما يُشبه الشلل، واستسلمت لنوبة من النواح الذي يشبه العويل، كان شرطها للرحيل أن تصطحب معها «عنزها الربشاء» وأولادها ، كما لو كان ذلك شيئاً يربطها بالقرية، رباطاً متنامياً في الربشاء ونسلها، وقد يكون أملاً في عودتها لقريتها.
وربما تُعبّر قصة «الكيس», عن معنى العلاقة الأخرى بين المدينة والقرية, ففي قصة «الرحيل» تشكل المدينة الحلم الذي يتمنى ابن القرية بلوغه. وفي قصة «الكيس» تُصبح القرية المزار المحبب لأبناء المدينة, الذين هم في الأصل من أبناء القرى, الذين استوطنوا في المدن. وقصة «الكيس» تكشف عن علاقة سلبية لأهل المدينة تجاه القرية, أقصى ما يمكن أن تمثله هو زيارة خاطفة هدفها التنزه, وكيس من الحلوى لطفل قروي يعجز عن فك الكيس, دلالة على معنى تلك العلاقة السلبية.
في أغلب قصص عبد الله الناصر، يتصدر الراوي مهمة رواية الأحداث, وغالباً ما تأخذ مروياته شكل الحكمة الساخرة، لإيقاظ الوعي المحايد في أذهانهم، ويتعمد أن يسرقهم من تفكيرهم أو طوفان السرحان الذي قد يعتريهم في غفلات الوعي، حينما يُغلّف قصته بألوان من الفكاهة والألغاز، ووضع المتناقضات التي تجعلهم متشوقين لمعرفة نهاية القصة التي لا يعرفونها، وكأنه يُلقي ذلك مشافهة. وهو بذلك يتجاوز تلك الصياغات والهياكل، التي تُشبه المعابد التي امتلأت بمريدين للقيام بعبادات ليست مفروضة عليهم، وهو كمن سعى بمخاطرة وجرأة فنية لهدم تلك الهياكل.
وفي نهاية الأمر, يُشيّد هياكل لبناء يخصه ويدل عليه، وهو بناء غير مقطوع الصلة بهندسة البناء لهذا الهيكل الذي اتفق على تسميته قصة أو قصة قصيرة, وهو يستخدم اللغة استخداماً مباشرًا، لا لبس فيه، لكي يصل إلى قارئه دون عوائق. والاستخدام غير المباشر يأتي عن طريق استخدام تقني فني للغة، عن طريق استخدام «التضاد» في المعنى. وابتداع أنماط من الأحداث الساخرة, والاستعارات المجازية, وأنماط أمثولية, واستخدام العنصر الفانتازي, في تداخل مع أساليب المفارقة. وهو ما يمكن تسميته (بلاغة الوضوح).
ومن هنا, يأتي دور المفارقة في إزاحة المباشر واستحضار «القارئ الضمني» الذي لن يجد معاناة أو صعوبة في تفسير المغزى، والتفريق بين المباشر, والموحي. ويتضح ذلك في قصة «الواعظ» حيث يلعب الواعظ نفسه دور المفارقة، سواء الضدية أو الشخصية والساخرة. وعن طريق اللغة المباشرة التي أبرزت فيما دون عناء؛ ما تنطوي عليه شخصية الواعظ، ودون التعمد في تحليلها تحليلاً سيكولوجياً، وإنما عن طريق كشف الازدواجية في شخصية الواعظ، وأبرز ما فيها أنه يأتي فعلاً وينهي عنه. ورأينا كيف أخذ مريديه إلى نوبة من الخشوع المستعار، جعلهم ينشجون ويبكون، وتنتهي القصة عند هذا الحد، وهنا يأتي دور القارئ، الذي استحضره الكاتب ليفسر ويحل ل دون وصاية عليه.
وقد تنبه «وين بوث» Booth إلى «أن قوة العمل الأدبي، تنبع من الكل الذي تعمل فيه معاً جميع أجزائه، ليس اللغة فحسب؛ بل التراكيب اللغوية من مثل نمط السرد، والشخصية، والحبكة، لتحقيق أثر ما». (إيرينار مايك، موسوعة النظرية الأدبية المعاصرة، مداخل نقاد، مفاهيم، ج2 نقاد؛ ص 160، ترجمة حسن البنا عز الدين، المجلس القومي للترجمة، القاهرة 2014).
المصطلحات الواردة في هذه الدراسة
الاسترجاع : Analepsis
حينما يلجأ الراوي، إلى قطع التوالي الزمني، داخل النص السردي، ويتعمد الخروج على توالي الأحداث، وهو ما يسمى مخالفة زمنية، فهذا هو الاسترجاع، الذي يتم فيه استدعاء بعض الوقائع المنفصلة عن تسلسل الحدث، أو يستدعي لمحة من الماضي، تجعل هذا الماضي حاضرًا في الأحداث، وأحياناً يتناوب الاستباق، وهو أسلوب من أساليب المخالفة الزمنية، مع الاسترجاع في رواية حدث لاحق، ويتيح تنويعاً في بناء الأحداث في أزمنتها المختلفة. وهذا الأسلوب كان حاضرًا في عدد من القصص، مثل: «الواعظ»، «المنبر» «الذيل» «رأس الأسد» و«الرحيل».
الأمثولة : Allegory
يجوز تفسير معنى «الأمثولة» على أنها تعتمد على أسلوب التشخيص الذي يتخذ المعقولات سمات إنسانية مقابلة، وفي محاولة على إطلاق الرمز بين المعنى الظاهر المباشر، ومعنى باطن مقصود يكشف عنه، وتهدف الأمثولة إلى إبراز أكثر من معنى للحدث داخل القصة، عن طريق الرمز المعبر عنه بأقنعة من الحيوان أو الطيور وخلافه، مع مراعاة تحقيق التوازن بين احتمالات المعنى المتعددة. ويمكن اعتبار كتاب «كليلة ودمنة» لابن المقنع، وكتاب «منطق الطير» لفريد الدين العطار، من الصيغ الأدبية التي ينطبق عليها مدلول الأمثولة. وقد ظهرت مثل هذه الصيغ الأمثولية، في عدد من قصص مجموعة «المنبر» مثل: الثعبان، أسراب الدجاج، العصفور، الذيل، رأس الأسد. (انظر: معجم مصطلحات الأدب، ج 2، ص 27، مجمع اللغة العربية، القاهرة 2014).
التجربة : Experience
يُعرّف المعجميون «التجربة». «بأنها تعني، المعرفة أو المهارة أو الخبرة، التي يستخلصها الإنسان من مشاركته في أحداث الحياة، أو ملاحظته لها ملاحظة مباشرة. وهناك مصدرين للأديب هما: التجربة بالمعنى المشار إليه هنا. والحقائق التي يستفيدها الإنسان من الكتب القديمة، التي تعتبر كنزًا للذكريات البشرية والحكم التي استخلصها البشر خلال العصور المختلفة، وأن على الأديب في نظره أن يجمع في أدبه بين الاثنين» (مجدي وهبه، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، ص 88، مكتبة لبنان، 1984).
وفي المعجم الوسيط: التجربة: (في العلم) اختبار منظم لظاهرة أو ظواهر، يُراد ملاحظتها ملاحظة دقيقة، ومنهجية للكشف عن نتيجة ما، أو تحقيق غرض معين، وما يُعمل أولاً لتلافي النقص في شيء وإصلاحه، ومنه تجربة المسرحية، وتجربة «الطبع».
وقد أصبحت كلمة «التجربة» مصطلحاً نقدياً يُقصد بها التجربة، في مناحي الإبداع المختلفة, ومعنى ذلك أن مصادر التجربة: تجربة حياتية يستخلص منها المبدع أو الإنسان عموماً، عن طريق مشاركته الفعالة في الحياة؛ التجارب (الخبرات) وهي مؤثرات خارجية. وتجربة يكتسبها من المدوامة على قراءة التراث، ونتاج المعرفة الإنسانية، حتى تصبح تجربة انفعالية. وتجربة التلقي، وهي التجربة التي يمارسها المتلقي عند انفعاله الإبداعي، (ويلاحظ أن المتلقي، هو الذي يقوم بإعادة إنتاج التجربة الإبداعية). وعند (موافي) أن إنتاج التجربة يخضع لممارسات معقدة: التّماس مع الواقع بالاستناد إلى التجربة الحياتية، ويأتي الانفعال بها، بواسطة العقل العاطفي، وتمثيل الواقعة عن طريق اللاشعور. وتحويلها إلى نص (لغة + خيال) عن طريق إنتاج الأثر، بتأثير التداخل بين التجربة الحياتية الخارجية، والتجربة الانفعالية الباطنة. ويُعوّل «روستريفود هاملتون» على: عملية استرجاع الخبرات الحياتية في التجربة، وأن عملية استدعاء التجربة هي عملية غريزية أكثر منها استدعاء إرادياً. (انظر: عبد العزيز موافي، الرؤية والعبارة: مدخل إلى فهم الشعر، ص 51، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2008).
وقد خصص الناقد الشهير «أ.أ رتشاردز» في كتابه «العلم والشعر» فصلين عن التجربة هما: «التجربة الشعرية» و«قيمة التجربة الشعرية» كما خصص فصلين في كتابه «مبادئ النقد الأدبي» لهما صلة بالتجربة، هما: «نظرة في التوصيل» و»قدرة الشاعر على استرجاع تجاربه» .وللشاعر المعروف «ارتشيبالدمكليش» كتاب بعنوان «التجربة والشعر» ترجمته إلى اللغة العربية, سلمى الحضراء الجيوشي في الستينيات من القرن الماضي.
ويتماس مصطلح «التجربة» مع مصطلح «المعادل الموضوعي» الذي يتخذ من مضامين التجربة، معادلاً موضوعياً.
تكنيك، تقنية أدبية : Technica device
هو البناء داخل الشكل للعمل الفني، أو هو الشكل الفني في العمل الأدبي، وفق عناصر متكاملة، بين أدوات وأساليب الأعمال الفنية: الشعر، المسرحية، الرواية، القصة، وأعمال التشكيل الفني التصويرية. وفي معجم مصطلحات الأدب أن «تقنيات السرد في القصة، تتمثل في أنواع الرواة وبنيات الزمن، وتيار الوعي، وأنماط السرد والحوار. ومجموعة التقنيات الفنية تُعتبر الجهاز الكاشف عن الدالات الأدبية والأدوات الموظفة فيه. (معجم مصطلحات الأدب، ج2، ص 60، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 2014).
ويعود الاهتمام بتقنية العمل الأدبي، إلى عصر «أرسطو» الذي ذكر في كتابه «فن الشعر» أن «الحبكة» Plot «هي قلب التراجيديا، وهي نواتها التي تنزل منها منزلة الروح، وتليها الأخلاق» وأرسطو يرى أن التراجيديا يجب أن تكون عمل تام، «والتام أو الكل هو ماله مبدأ ووسط ونهاية» وهي نظرية «وحدة العمل الفني» أو «ضرورة الحبكة» التي أفضت إلى فكرة «الوحدات الثلاث» وهي عند «أرسطو»: وحدة الزمن (يوم واحد) وحدة الحدث (الفعل) وحدة المكان. وهي التي شاعت في كتابة المسرحية منذ القرن السابع عشر» (انظر: مجدي وهبه، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، ص 144، مكتبة لبنان، 1989). وهذه «الوحدات الثلاث» تم تجاوزها في أساليب الكتابة والإبداع، وأصبحت من الكلاسيكيات التقليدية الاتباعية، التي ثارت عليها «الحركة الرومانتيكية» في أواخر القرن الثامن عشر.
وتوالت الحركات الأدبية التي تنادي بتجاوز الأُطر والأساليب في كل عصر والذي يليه، حتى وصلنا إلى عصر «ما بعد الحداثة». لكن يظل لكل عمل فني أصول ومقومات و«ضرورة فنية» كما كان للحبكة ضرورة.
القارئ الضمني : Implied reader
«القارئ الضمني» قارئ مُتخيل يفترضه المبدع، ويوجه إليه الخطاب، على اعتبار قدراته في استيعاب النص، وهو يختلف عن القارئ الفعلي، كما يتحقق في الواقع، ويختلف عن «المروي له» في السرديات، وأحياناً يُشار إليه بالقارئ النموذجي، الذي يوصف بأنه ذكي مثقف ذو ذوق رفيع تواق شغوف» (عن: معجم مصطلحات الأدب، ج2، ص 113، مجمع اللغة العربية، القاهرة 2014). وقد ظهر مصطلح القارئ الضمني، منذ أن طوره الألماني «فولفغانغ إيزر» (1972) عن الأمريكي «وين بوث» الذي أطلق مصطلح «المؤلف الضمني» وهو الذي يقول: «إنني أكتب، فدع القارئ يتعلم ليقرأ» وإيزر يرى أن متعة القارئ حينما يصبح منتجاً للمعنى.
الكاتب القارئ : Reader Writer
فرانك أوكونور: O›connor Frank كاتب أيرلندي، ولد بأيرلندا سنة 1903، وتوفى سنة 1966م، وقد اشتهر باسمه هذا، ولكن اسمه الحقيقي (مايكل أدو نوفان) مواهبه الأدبية متعددة، فعدا كونه ناقدًا أديباً، درّس فن القصة، فهو كاتب قصة ورواية، وله في مجال النقد كتاب «مرآة في الطريق» (وهو دراسة عن الرواية الحديثة). وآخر كتبه في النقد كتاب «تطور شكسبير» وهناك جائزة في القصة القصيرة باسمه, ودرسّ في جامعات إنجليزية، وفي جامعة هارفرد، حيث عاش في أمريكا منذ سنة 1952. وله مجموعة محاضرات عن القصة القصيرة بعنوان: The Lonely voice: A study of the short story (1962)
وقد صدرت ترجمة لها بالعربية, ترجمها الدكتور محمود الربيعي, بعنوان «الصوت المنفرد» (مقالات في القصة القصيرة) آخر طبعة صدرت عن المجلس القومي للترجمة، القاهرة، 2009).
ولأكونور نصيحة مهمة للكاتب، يقولها بلغة المبدع الناقد، جاء فيها: «هذه النصيحة الجيدة تفيدني شخصياً، أكثر مما تفيد الطلبة. لكنني لا أزال أقول إن الكاتب ينبغي أن يلقي الرماد على ناره الخالقة. حتى يعرف على وجه الدقة، الشيء الذي ينبغي أن توجه ضده هذه النار».
ولكن المهم في هذه النصيحة، أنها تضمنت رأياً نقدياً مبكرًا في مسألة «الكاتب القارئ» وهو المصطلح الذي تبناه الناقد الأكاديمي الأمريكي «بوث» بعد ذلك بعدة سنوات، ثم طوره فيما بعد الأكاديمي الألماني «فولفغانغ إيزر» يقول أكونور:
«ينبغي ألا ينسي الكاتب إطلاقاً أنه قارئ أيضاً، وإن كان قارئاً مجحفاً. وإذا لم يستطع أن يقرأ إنتاجه الخاص عشرات المرات فلا يتوقع أن ينظر فيه القارئ مرتين. كذلك فإن ما يسأمه بعد القراءة السادسة يحتمل تماماً أن يسأم القارئ عند القراءة الأولى، وما يسره بعد القراءة الثانية عشرة قد يسر القارئ عند القراءة الثانية. لقد أعدت كتابة معظم قصصي أكثر من عشر مرات، وأعدت كتابة قليل منها خمسين مرة. وهذه للأسف عملية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد؛ لأن الكلمات أشياء محدودة». (انظر: فرانك أوكونور، الصوت المنفرد «مقالات في القصة القصيرة»، ترجمة محمود الربيعي، ص 227، المجلس القومي للترجمة، القاهرة، 2009).
المعادل الموضوعي : Obgective correlative
ظهر هذا المصطلح أول مرة، في مقال كتبه الشاعر المعروف «ت. س. إليوت T.S. Eliot» سنة 1919م عن شكسبير، جاء فيه: «إن الطريقة الوحيدة للتعبير عن الانفعال في صورة الفن، إنما تكون بإيجاد «معادل موضوعي» أو بعبارة أخرى مجموعة من الموضوعات، وموقف وسلسلة أحداث، تكون صيغة ذلك الانفعال بشكل خاص، بحيث إذا ذكرت الحقائق الخارجية التي لابد أن تنتهي إلى تجربة حسّية مثل الانفعال في الحال بالذهن.. وهذه هي «الحتمية» الفنية التي تكمن في ملاءمة العناصر الخارجية للانفعال ملاءمة كاملة». (انظر: مجدي وهبه، معجم المصطلحات في اللغة والأدب، ص 370، مكتبة لبنان، 1989).
ومن الواضح أن «إليوت» قد اهتدى إلى صيغة (المعادل الموضوعي) وهو يكتب عن «هاملت» «ماكبث». وفي هذا الشأن يقول: «إذا دققت النظر في أي واحدة من أنجح مأسوات شكسبير، وجدت هذه المعادلة تماماً». يقصد بذلك المعادلة الموضوعية، التي وضحت في تصرفات «ليدي ماكبث» وماكبث، التي عبر عنها شكسبير في ملاءمة العناصر الخارجية للانفعال ملاءمة كاملة.
وقد أصبح تعبير «المعادل الموضوعي» مصطلحاً نقدياً يعني «أن المبدع يوظف من الأحداث والموضوعات والوقائع والمواقف، ما يمكن أن يبعث لدي القارئ الاستجابة الملاءمة التي يهدف إليها الكاتب، دون أن يلجأ إلى التقرير والمباشرة» (انظر: معجم مصطلحات الأدب، ج 1 ، ص 146، مجمع اللغة العربية، القاهرة 2014).
المؤلف الضمني : Implied outhor
مفهوم المؤلف الضمني، أطلقه الناقد الأمريكي «وين بوث Booth Waynee وهو غير المؤلف الحقيقي، وقد اخترعه المؤلف الأصلي ليكون الذات الثانية له، ويتقاطع مع مصطلح «القارئ الضمني» الذي طور مصطلحه الألماني «فولفغانغ إيزر» Walfgang Isser (1972).
وفي حين يقول بوث: «لقد دُفع القارئ والمؤلف ليلتقيا على أرض أخلاقية مهمة، تكشف أحدهما وتؤثر في الآخر، والمؤلف والقارئ متواطئان في السر، من وراء ظهر المتكلم» فإن إيزر يقول: إن الأديب والقارئ ينبغي أن يشتركا في لعبة الخيال.. وتبدأ متعة القارئ حين يُصبح منتجاً، أي حين يسمح له النص بإظهار قدراته».