هالة الناصر
إنّ أيّ متابع للتاريخ، يمكنه أن يكتشف بسهولة ويسر، أن الأطماع الإيرانية والتركية في الأراضي العربية، وحالة العداء التاريخي بينهما وبين العرب، مرتبطة بالنشأة والفكر الذي على أساسه قامت كلتا الدولتين قبل مئات السنين.
فإيران «الصفوية» عمدت منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، إلى ضرب الاستقرار في العديد من البلدان العربية، عبر دعم الحركات الانقلابية أو تمويل أصحاب الأجندات التخريبية، بهدف إيجاد باب لها تستطيع من خلاله المرور إلى تلك البلدان والسيطرة على مجريات الأمور فيها، بعد تدمير بنيتها الأساسية تحت وطأة الحروب الأهلية، سعياً إلى نشر مذهبها وأفكارها ومعتقداتها.
السلاح ذاته، استخدمته تركيا «العثمانية» قبل وبعد تلك الفترة، للغرض ذاته، وهو بسط نفوذها وسياساتها على أصحاب القرار في بعض البلدان العربية، لتحويلهم إلى تابعين للمواقف التركية وداعمين لها في مواجهة الشعوب العربية التي اعتادت رفض مثل تلك الدخلات، وهو الأمر الذي يقود إلى النهاية ذاتها التي آلت إليها التدخلات الإيرانية، من خراب ودمار ودماء.
أما القضية الفلسطينية، فكانت دائماً هي أكبر فاضح لأكاذيب إيران وتركيا وطبيعة أطماعهما في البلدان العربية، فإيران التي تتشدق بعدائها لأمريكا التي تسميها «الشيطان الأكبر» وللكيان الصهيوني التي تنادي بتدميره وحرقه وإلقائه في البحر، لم تتوان للحظة عن الدفاع عن إسرائيل بالخفاء، بل إنها أحد أكبر الداعمين للمشروع الإسرائيلي في المنطقة العربية وأحد أبواب الحماية لها، فالنظام الإيراني لم يطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، بينما قامت بمنح حزب الله وبشار الأسد كل الأسلحة الثقيلة وحتى المحرمة دولياً ضد شعوبهم العربية.
فيما تفضح تركيا نفسها بنفسها بين الحين والآخر، فكلما خرج النظام التركي للمتاجرة بالقضية الفلسطينية والمزايدة على البلدان العربية في موقفها من الأراضي المحتلة ودفاعها عن القطاع والضفة، ومقدما نفسه على أنه -النظام التركي- حفيد الخلافة الإسلامية التي تدافع عن العرب والمسلمين، نجد الكثير من الحقائق أو التسريبات من هنا وهناك، تفضح التعاون والتطبيع الكامل بين النظام التركي وبين الكيان الصهيوني وتكشف عمق العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وهي الحقائق التي تعجز أنقرة عن نكرانها، خلاصة القول: إن العداء التركي والإيراني للعرب لن يتحول في يوم من الأيام إلى صداقة أو حتى مصالح مشتركة لأنه عداء مبني على أيدلوجيات من المستحيل تغييرها مهما حدث!.