إن الأمن والسلامة من الشروط الرئيسة في السفر والسياحة. وبسبب التغييرات التي طرأت على العالم خلال العقدين الماضيين، اكتسبت الأمن والسلامة أهمية بالغة بسبب الكوارث الطبيعية والأوبئة والأعمال المنافية للأمن الوطني؛ وكل هذه العناصر تؤثر بشكل ملحوظ على صناعة السفر والسياحة.
إن تطور السياحة الجماعية (والتي تعرف باللغة الإنجليزية: Mass Tourism) في بداية الخمسينات الميلادية؛ كانت أحد الأسباب التي ربطت سلامة الأمن الوطني بسلامة الأمن السياحي للوجهات التي تتم زيارتها، وخاصة مع ارتفاع عدد الرحلات ، لغرض السياحة، على مختلف الطبقات الاجتماعية- الاقتصادية، وكان بداية التدرج في تغيير مفهوم السفر الذي لم يعد حكراً على الطبقة الغنية. كما أن التطور السريع لقطاع النقل (الجوي، البري، البحري) ساهم في الارتفاع من الحراك (الجغرافي).
نتيجة لهذه الأسباب؛ اكتسبت قضايا السلامة والأمن السياحي أهمية أكبر بسبب ارتقاء السياحة لتكون أحد أهم الصناعات في الاقتصاد العالمي (من حيث مساهمة السياحة في إجمالي الناتج المحلي للدول، عدد الأشخاص العاملين في قطاع السياحة، عدد الاستثمارات السياحية، وغيرها).
أحد أهداف الأمم المتحدة لصناعة السياحة هي صناعة السلام ، وهذا دليل على الأهمية المتزايدة للسياحة، وارتباط فاعليتها بوجود السلامة والأمن الجيد، وبسبب ذلك نشأ مفهوم «السلامة والأمن السياحي».
يعتبر الأمن الوطني هو المقوم الأول لصناعة السياحة. وهناك أيضاً مجموعة أبعاد متعددة للأمن والسلامة في القطاع السياحي: الأمن الوطني ، والسلامة العامة ، والصحة ، والصرف الصحي، سلامة البيانات الشخصية، والحماية القانونية للسياح والمستهلك، والسلامة في سبل الاتصال ، والحماية من الكوارث، والأمن البيئي، وضمان جودة الخدمات، الخ. ووفقًا لمنظمة السياحة العالمية (UNWTO) ، يجب أن يكون هناك تكامل بين الأمن القومي و أمن السياحة من خلال: 1) التكامل بين السياحة والأمن. 2) دعم القطاع في وضع خطط وبروتوكولات إدارة الأزمات؛ 3) نصائح السفر. 4) السفر الآمن بما في ذلك تسهيل الحصول على التأشيرة ؛ و 5) التواصل أثناء الأزمات.
ومع ذلك، فإن حماية السكان المحليين من السياح/الزوار أمر يجب ألا نتجاهله أبدًا. في كثير من الأحيان ننسى أنه ليس كل السياح/الزوار جيدون ويسعون إلى بناء ذكريات جميلة عن الوجهة التي يزورونها. هناك أيضًا أشخاص يسافرون إلى أماكن أخرى لأغراض سلبية. هؤلاء الناس يتصرفون كالسياح ولكنهم يأتون إلى وجهة معينة - على وجه التحديد- لإزعاج السياح الآخرين والسكان المحليين في الوجهة نفسها. لذلك؛ هناك ضرورة أن تقوم الجهات ذات العلاقة، في كل الدول التي تستقطب السياح، بتوفير برامج تدريبية جيدة في الأمن السياحي؛ تساعد القائمين عليها بالتمييز بين السائح الجيد وغير الجيد، وكيفية التعامل مع الأخير بدون أضرار.
أيضا، حماية الموقع مهم جداً، سواءً كانت هذه المواقع من: المعالم السياحية، أو المتاحف أو الفنادق. ومع ذلك، يجب توفرخطة أمنية سياحية جيدة تفحص البيئة المادية وتطابقها مع نوع الزائر/ السائح الذي يزور الموقع. علماً أنه قد تتغير احتياجات حماية الموقع خلال فترات مختلفة من السنة. على سبيل المثال - وخاصة في دول الغرب- قد تجذب الشواطئ العديد من الطلاب الجامعيين الشباب أثناء العطلة الدراسية في فصل الربيع، ولكن يتحول هذا الجذب إلى فئة العوائل والأقارب خلال مواسم أخرى خلال السنة.
إن المحافظة على سمعة الوجهة السياحية من الأولويات. وقد يستغرق بناء السمعة السياحية الجيدة إلى سنوات، ولكن بسبب حدوث بعض المؤثرات الأمنية أو البيئية للوجهة نفسها، قد تصل تكلفة استعادة ثقة الجمهور من السياح/الزوار إلى ملايين الدولارات.
إن برامج السلامة والأمن السياحي الجيدة لا تركز فقط على قضايا الأمن والسلامة ، بل تمتد في أهدافها أيضًا إلى إدارة مخاطرالسياحة، الذي يعتبر جانب مهم من جوانب السلامة والأمن في مجال السياحة. ومن المنطقي أن تكون الخطط موجهة لمنع وقوع حوادث سلبية، والتي تعتبر أسهل من التعافي منها بعد وقوعها.
ولكن لماذا أصبحت السلامة والأمن في غاية الأهمية في عصر السياحة العالمية؟ وما هي العناصر الرئيسة التي تعتبر في صميم الأمن والسلامة والتي يتم تضمينها في الوقت الحاضر في مفهوم «السلامة والأمن السياحي»؟ كيف تؤثرمشاكل الأمن الوطنية على قرارات السياح عند اختيار وجهتهم؟ وأخيراً، ما هو دور الجامعات والمؤسسات البحثية في التركيز على الدراسات المعنية بأهمية الأمن الوطني في سلامة وأمن السياحة؟
** **
بسمة عبدالعزيز الميمان - متخصصة في العلاقات والمنظمات الدولية- مجال السياحة والتراث