فهد بن جليد
قبل 12 سنة تقريباً خُضت (شخصياً) تجربة تلفزيونية ميدانية قاسية ومؤلمة, للبحث عن عمل مؤقت (باليومية) بين صفوف العمالة الوافدة والمُنتشرة عشوائياً في شوارعنا -آنذاك- تعرضت للضرب والمُضايقة من جنسيات عدة, ولكنَّني نجحت في النهاية بالحصول على ما يُعادل (170ريالاً) كدخل يومين من مهن بسيطة, واجهت بها بعض الشباب في المقاهي وأنَّ باستطاعتهم كسب هذا المبلغ لو تحركوا بالفعل وانخرطوا في بعض فُرص العمل المُتاحة أمامهم, في اليوم التالي عُدت للاستديو وطرحت الموضوع مباشرة على الهواء, وتلقيت سيلاً من الشتائم وكأنَّني أدعو الشباب لمهن لا تليق, رغم أنَّ هناك فُرصا أفضل منها -التهمة- التي تتلقاها وزارة العمل اليوم بأنَّها توطِّن من أسفل السلم.
مُشكلتنا مع البطالة -حسب فهمي على الأقل- هو أنَّنا نتعامل مع هذا الملف (كأرقام) نحاول ونجتهد لتقليصها بحلول سريعة ووقتية, الأمر الذي جعل خطط وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خلال عقدين من الزمن (مُتأرجحة) لا تستطيع خفض تلك الأرقام بشكل منطقي وواقعي, ولم تنجح في التعمق أكثر في أسباب وحلول المُشكلة بشكل حقيقي, فكلما تقدمنا خطوة تراجعنا للوراء خطوتين, نوظف شابين ونخسر مُقابلهم ثلاثة في الغد, السبب -برأيي أيضاً- هو أنَّ مُعظم الفُرص الوظيفية المطروحة مؤقتة, يلجأ لها بعض الشباب دون قناعة كاملة, ويتعاملون معها على طريقة (عبّر حالك بأم شوشة لين تجيك المنقوشة), الأمر الذي يجعل حلول البطالة غير فاعلة بالشكل المأمول.
العلاج يحتاج أولاً لقناعة المُجتمع برفع قيمة العمل بعيداً عن (المُسمى), احترام صاحب المهنة, تشجيعه والاحتفاء به ضمن ثقافة مُجتمعية مُغايرة لواقع (مُرّ) يعيشه كثير من شبابنا اليوم, كأحد أسرار تسرّبهم من الوظائف والمهن, أرجوا ألاَّ نحتاج 12 سنة أخرى لنكتشف بأنَّ لا فرق كبير بين طريقة عمل طبيب يستخدم الكمبيوتر والليزر لعلاج مريض دون (قطرة دم) واحدة, وبين عامل في الصناعية يقوم بوزن أذرعة أو مقصات سيارتك بالليزر والكمبيوتر دون (قطرة زيت) واحدة أيضاً, وكأنَّ استخدام تلك الأجهزة وتشغيلها هو التخصص الحقيقي الذي يجلب لك فُرص العمل.
وعلى دروب الخير نلتقي.