د. خيرية السقاف
في المشهد العام تجد النساء حيث وجهتك تكون، عاملات كالنحل، دؤوبات كفريق الخلية، بوقارهن المعهود، وحيائهن المكتسب عن تنشئة واعية، متينة، وضوابط سلوك كالمسطرة، فمن نشأ على الوقار بوصفه حدَّا بين الضبط والتجاوز، وعلى الحياء بوصفه شعبة من الإيمان، تجده يتحلى بهما لباساً لذاته، ومنهجا لسلوكه، ومبدأً لقناعته، وناطقا بيقينه.. وهذا في الرجال والنساء على سواء..
لكننا نشهد في الواقع العام من النساء تحديدا من هي خارج هذا النطاق بجرأة شديدة، واندفاعة مسرفة، إذ تفرغ مسالكها، ومظهرها من تلك المزيَّتين الفضيلتين كأنهما عائقان عن حريتها، مانعتان عن حقِّها، حاجزتان عن بلوغها ما تشاء من تعبير عن حرية مزعومة، وتمكُّنٍ موهومٍ!..
فتحسب أنها متى ما مُنحت فرصة للظهور هرولت خارج حدود اللائق، والمتوقَّع، تخدش أذواق الآخرين بأصباغها، وتبرجها، وعطورها، وزينتها، لا تعي أن حشمتها مجروحة، وإسراف نهجها مثلوم، وأنها تبدو بشكل لا يمت للوقار، ولا للحياء بصلة، بينما إن هي تحلت بهما كبقية النساء الناضجات، والشابات الوقورات، ومن في مقتبل أعمارهن يشاهدْن حيث يكنَّ فيفرحن الناظر، ويكنَّ في موضع ثقة المجتمع بحيائهن، ووقارهن مظهرا ومسلكا فلا من سيقف ويسألها : لماذا،، ومن المسؤول عن هذا الانفلات الذي هي عليه؟...
والحقيقة ليس هناك من يختلف في أن للمرأة أدوارها الموازية، وحقوقها الكاملة، وأمكنتها الرائدة، ووجودها الفاعل في مسيرة المجتمع، وفي جميع مؤسساته على اختلافها، وتراتب مقاعدها، ومسؤولية أمانتها وهذا لا يتنافى مع وقارها، وحيائها..
أجل لا من يختلف على مكانة المرأة الاجتماعية، وأدوارها الكثيرة، لكن الاختلاف في كيف تعبر هذه المرأة عن نفسها، بكامل فضائلها، وتحديدا بمظهرها الخارجي الذي هو جزء معبر، وناطق عن تلك الفضيلتين المطلوبتين أن تكون عليهما، فهي المرأة «المسلمة» التي ينبغي لها أن تعي مسؤولية هذا الانتماء، بعدالة نهجه، ونصاعة ميزانه، وضوابط موجباته، ومنهيَّاته..
إن السواد الأكثر من الوقورات الحييَّات من نساء المجتمع، هنَّ اللاتي انتشرن كالنحلات في كل موقع قدم، وناصية عمل، هنَّ من يُطمَئنَّ أنهنَّ القدوة لأولئك، والمحتذى لهن!!..
فالحرية ضابطة أشدَّ منها فالتة، ومقيدة بأكثر من أن تكون طَلِقة..
والتي تعي ذلك، وتدركه في النساء تنهج دون إسراف، وتظهر بكل وقار، وحياء، وذلك يجري على الرجال أيضا بلا ريب..
وإن من أظهر مزايا المجتمع المسلم أن لا يعيق نجاحَ أفراده، ولا تعبيرَهم عن ذواتِهم، ولا أداءَهم مختلف أدوارهم، ولا ممارستَهم حقوقهم، ولا القيامَ بواجباتهم سلوكُهم ذو الضوابط، الذي تجتمع فيه عصبة الأخلاق، والفضائل، تلك التي تتجذر فيهم بتجذر إيمانهم، وخشيتهم.