مها محمد الشريف
ما زالت الطبيعة تدلنا بشكل مؤكّد أن الحياة تقع بين أبعاد مختلفة وتحولات يشهدها العالم من حولنا، تمثّل الظروف فيها قولبة خاصة تتغيَّر حسب نوع المشكلات التي تتعلَّق بوهن التفاصيل الدقيقة، وببعض الاعتبارات العامة المتعلِّقة بالتطور التاريخي، والقصد في كل ما ذُكر ليس نفي حقيقة التقدّم البشري، وإنما القصد هو مزيد من الحذر عند إدراكنا له. وبهذا الصدد ربما حسن أن نذكر أهمية التقرير الذي قدَّمته المملكة والذي يتميّز بسمو الرسالة الإنسانية ومتطلباتها الطبيعية، وإنتاجية القطاعات الحكومية التي تقوم على توفير كل ما يحتاجه المواطن، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن يوجد دون حقوق وقانون وتبادل، ومقياس مشترك بدون مساواة.
وهكذا، فكل مجتمع يحاول تقسيم العمل وتطويره من أجل أن يؤدي مهامه محكوماً برعاية حكومته عبر مؤسساتها لضمان حقوقه وإقامة علاقة تربطه بما ينتج ويتقاضى عليه الأجر، فقد يسّرت هذه العلاقة بناء نشاط تفاعلي بين مجالين الاقتصادي والاجتماعي وليس عملاً إجبارياً، وعلى ذلك فإن تقسيم العمل مرهون بعدة أسباب أهمها حرية الإنسان بعيداً عن الحرمان والندرة، في ظل نظام الآلية العصرية التي ترسخ حرية العامل وتحقق له الرفاه الذي يحلم به بعيداً عن استلاب حقوقه ومخالفة لأهدافه ومصالحه واستعباده. ومن قبل تاريخ بناء منظمة الحقوق الأساسية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ديننا الحنيف أرسى قواعد أساسية جاءت في القرآن الكريم وتوجيهاته التي تؤصّل مبدأ المساواة، وتضع نهاية لكل أشكال التمييز والعنصرية، تمهيداً لحق التقاضي والمساواة أمام القانون. وبالنظر إلى التأثير الذي تركته الاتفاقية الدولية على جميع أشكال التمييز العنصري، وكذلك الأحكام الشرعية في التمايز على أساس العرق أو الجنس أو اللون، والسخرية وساوت في الحقوق بين البشر، لقوله تعالى في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
ومن الأهمية بمكان أن ننتبه إلى اختلاف القوانين من الاتجاهات اختلافاً أساسياً، فمما لا شك فيه أن الخلط بين الاتجاهات والقوانين يكون قانون متعاقب، فمن ضمن الاتفاقيات 6 من الاتفاقيات الأساسية الثماني لمنظمة العمل الدولية، منها اللاجئين، وحقوق المرأة، والرعاية لذوي الإعاقة، ومناهضة التعذيب، والعمال المهاجرين، والتمييز العنصري، ولكي يدرك العالم أن المملكة حققت أقصى قدر من الرعاية لأكبر عدد من الناس ووفرت لهم حرية الاختيار ونتاج لا محدود من الاستقلال، ودعمت حوار الأديان. ويكفي أن نفكر في أمر طور آلية هذه الحقوق لتسجيلها عالمياً بإدراج بروتوكلات إضافية، وفي تحقيق هذا الوعد وقَّعت المملكة العربية السعودية على اتفاقات جنيف في 18 مايو 1963، والبروتوكول الإضافي الأول (المتعلِّق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة) في 21 أغسطس 1987، والبروتوكول الإضافي الثاني حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية) في 28 نوفمبر 2001. وعلاوة على ذلك، أصبحت المملكة العربية السعودية من الدول الموقّعة على اتفاقية حقوق الطفل في 26 يناير 1996.
هذه المعرفة الأكثر أساسية يجب على المرء تملكها لأنها مسار حر لجميع المجتهدين، وحقوق الإنسان عمل لا يتوقف والمملكة تنهض به وفق ما جاء بشرع الله ومبادئ ديننا الحنيف، وكذلك وفق الاتفاقات الدولية، لذا ينصب الأمر الرئيسي على إيجاد مكان آمن اللاجئين من الحروب، والذين تعتبرهم حكومة المملكة وشعبها ضيوفاً مثل الأشقاء اليمنيين والسوريين. وفي مجمل هذا السياق يعد هذا الموقف خير مثال لما تنتهجه السعودية لحقوق الإنسان وهو ما أكَّد عليه رئيس هيئة حقوق الإنسان معالي الدكتور بندر بن محمد العيبان، بكلمته أمام مجلس حقوق الإنسان العالمي حول ما تقدِّمه المملكة لضيوفها من رعاية ومعاملة خاصة ممن مزّقت مجتمعهم الحروب الأهلية كاليمن وسوريا.