د.علي القرني
بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارات تفقدية للمناطق الإدارية في بلادنا، وهي زيارات ملكية بقدر ما يحرص عليها الملك وسمو ولي عهده حفظهما الله، بقدر حرص وفرحة المواطنين في هذه المناطق على استقباله والترحيب به واللقاء به. وقد لمست هذه الفرحة على أبناء وبنات المناطق التي شملتها الزيارات، وعلى أبناء وبنات المناطق التي تنتظر دورها في هذه الزيارات.
وهناك عامل مهم في هذه الزيارات وهو متابعة مشروعات قائمة ووضع حجر أساس لمشروعات جديدة، وهذا يعكس وجه التنمية في بلادنا الذي يمتد لكل مكان وكل منطقة وكل فرد وكل مجال. وخلال هذه الزيارات يطلع المواطنون والمواطنات على مشروعات مناطقهم، ويعرفون حجم هذه المشروعات وامتدادها ومتى تنتهي؟ ومن الملاحظ أن جميع مشروعات التنمية السعودية هي مشروعات بنية تحتية، ومشروعات خدمية، ومشروعات تعليم وتأهيل وتدريب الإنسان السعودي.
إن هذا التوجه المستمر من ملوك هذه الدولة ليست طارئة، بل هي أساس دائم في زيارات ملكية لمختلف مناطق المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، وتلاه جميع أبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله ثم يأتي الملك سلمان يحفظه الله ليتمم هذا التوجه الرشيد في تفقد المواطن في مكانه، والمشروعات في مواقعها. كما تتيح هذه الزيارات إطلاع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان على احتياجات المواطنين، وحل مشاكلهم وتذليل العقبات والصعوبات التي تواجههم.
إن ما يختلف ببلادنا وعلاقة مواطنيها بقيادتها عن كثير من دول العالم هو طبيعة العلاقة الأبوية التي تربط الملك بالمواطن، فهي ليست كباقي العلاقات في دول أخرى علاقة رسمية تعاقدية وفق قوانين وأنظمة. وعلى الرغم من وجود أنظمة وقوانين في بلادنا تنظم هذه العلاقة، إلا أن العلاقة بين الملك والمواطن في المملكة العربية السعودية هي علاقة تتعدى القوانين، فهي علاقة وثيقة أبوية أخوية تلاحمية بين الشعب والقيادة. وهذا ما يميزنا عن غيرنا من الدول والشعوب.
وهذه الزيارات تترجم أواصر قوة العلاقة، ولا ننسى أن هذا هو ديدن السياسة السعودية فتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله تؤكد أهمية فتح أبواب المسؤولين على مختلف اختصاصاتهم ومستوياتهم الوظيفية للمواطن، وتحديد أوقات في اليوم أو الأسبوع لتكون هذه الأبواب الرسمية مفتوحة للناس لينقلوا احتياجاتهم إلى المسؤولين، ومن واجب المواطن على المسؤول أن يستقبله ويلبي كافة احتياجاته. وهذه الزيارات هي نقلة أخرى في اهتمام القيادة بالمواطن، فهي انتقال القيادة بكافة أركانها التنفيذية إلى المواطن، والتعرف على هذه الاحتياجات وترجمتها على شكل برامج ومشروعات عملية.
وفي المقابل، نحن مواطني هذه الدولة من المستوجب علينا أن ندعم دولتنا وقيادتنا، لأنها أساس الوحدة والتلاحم الذي يربطنا ببعضنا البعض، وهي مصدر الأمان بعد الله ومنبع الاستقرار. وبلادنا مستهدفة من كل ناحية ومن كل جانب، ولهذا فنحن سياج هذا الوطن وقوته وصموده. وهذه الدولة في عهدها الثالث ومنذ أكثر من مائة عام تعمل على لم الشمل الوطني، وتوحيد الكلمة، وتثبيت حقائق الأرض ومشاهد التاريخ. وأجدادنا وآباؤنا ونحن معهم ومن بعدنا أبناؤنا وأحفادنا هم كانوا وسيظلون بإذن الله في خدمة هذه البلاد والرقي بها إلى مصاف الأمم المتقدمة.