هدى مستور
س: أشعر أن كل الأبواب سدت في وجهي، لم أجد وظيفة بعد التخرّج، ولم تنفعني شهاداتي بالحاسب وتعلّم اللغة، في الحصول على وظيفة، توظّفت وتزوّجت كل صديقاتي وأنجبن أطفالاً وانشغلن عني وأنا مكانك سر. أتظاهر بالفرح ولكن من الداخل اعتصر ألماً لسوء حظي. أرجو أن أجد لديك المشورة؟ وشكراً لك.
المشورة: وعي ناضج منك أنك تحدثت عمَّا ينتابك في الداخل من مشاعر وأفكار تجاه ذاتك، كما أنك متقدِّمة في تشخيص حالتك يبدو من خلال تعبيرك بتحديد ما الذي يضايقك في حياتك:
ولذا: سأرتب مراحل التغيير في حياتك وفقاً لهذه المراحل، وكل مرحلة تقود بصورة سلسة إلى غيرها:
أولاً : - محاور معاناتك في الآتي:
1 - اعتقادك أن الأبواب سدّت في وجهك وأنك سيئة الحظ.
2 - لم تستفيدي من شهاداتك وخبراتك.
3 - لم تحصلي على وظيفة.
4 - لم تتزوجي.
5 - المقارنات بينك وصديقاتك لصالح صديقاتك.
6 - لم يتغيّر شيء في حياتك.
7 - ....
أكرر شكري لك
ثانياً : - أعتقد أن السبب يعود كله لا لتعاسة حظ ولا لأن الأقدار السعيدة تتخطاك ولا لشيء من ذلك.
السبب يعود للرقم واحد ومما زاد الطين بلة هو قيامك بممارسة الرقم 5 وهو عقد المقارنات، والمقارنات بين تجارب البشر أكثر جريمة يفعلها البشر بحق أنفسهم..
كل التجارب والأحداث والعلاقات والأشخاص الذين يظهرون في حياتنا، إنما هم انعكاس مرئي لما يحدث في عالمنا الداخلي اللا مرئي، فحين اخترت الاقتناع بتعاسة الحظ، من خلال حديثك لنفسك ويزداد تأكيداً حين تحدثين به غيرك في كل مرة، فكان لك ما اخترت! تقولين لنفسك أو لغيرك: ها انظروا لما يحدث لي من مواقف تعيسة في كل مرة أولم يحن الوقت لتصديقي؟! فأنا تعيسة الحظ. فيقول لك العالم نعم أنت كذلك!
والذي استفدته لا شيء سوى قليل من التعاطف مع قليل من الشعور الخفي بلذة النضال!
ثالثاً: أنت المسؤولة عن نفسك مسؤولية كاملة، انفضي من قلبك أن يقوم بدورك غيرك، ولذا فأعمق وأقوى وصفة تغيير تقدم لك هي القبول والتسليم لله رب العالمين، فهو الأعلم والأحكم والألطف، ووجودك في هذا الحال والموقف هو الأفضل لك الآن، اقبلي بما قدره الله لك، وهذه هي محطة التحول الأولى إلى المعجزات الحقيقية في الحياة.
ثالثاً: لتجاوز مشاعر الألم وكذلك للتهيؤ لحدوث نقلة في حياتك أنصحك بالتمارين العملية التالية:
1 - بمجرد أن تفتحي عينيك كل صباح ليكن دعاء الله تعالى الذي أحياك بعدما أماتك وأذن لك بحياة جديدة هي أول ما ينطق به لسانك، ويحس بها قلبك، إنها حياة جديدة كتبت لك في حين حُرم منها غيرك.
2 - قبل أو بعد نهوضك من فراشك - لا يهم - أمسكي بورقة وقلم أو من خلال جهاز الجوال عددي فقط 10 نعم سواء مألوفة أو متجددة أمتن الله بها عليك، أكثري من التركيز عليها وحمد الله تعالى عليها كثيراً وطوال يومك. افعلي ذلك يومياً.
3 - تذكّري أن سعادتك اختيارك، وقد اخترتِ أن تكوني سعيدة، هنا والآن، دون تأجيلها أو تعليقها بوظيفة أو زوج مناسبين.
4- التفتي لنقاط قوتك المتمثلة في مثابرتك وشهاداتك وأشياء كثيرة لم تذكريها واشكري الله عليها واسعي لتنميتها.
5 - كرِّري لنفسك وبصوت مسموع تخالطه مشاعر إيجابية بأنك فتاة ذات حظ عظيم وأنك موفّقة وأنك سعيدة وأنك في كنف الرحمن يتولاك ويرعاك، لا تلتفتي للأفكار المناهضة واستمري في تكرار التأكيدات مصحوبة بمشاعر مرتفعة. افعلي ذلك يومياً.
6 - لا تطرقي فقط باب الوظيفة المتناسب مع شهادتك الجامعية إن لم يكن هناك احتياج لها ابحثي عن مصادر رزق مختلفة قد تجدي في أحدها شغفك ورزقك معاً.
7 - لا تيأسي من الدعاء ولا تجعلي ذلك منفذاً لنفسك الموسوسة لإيقاع اللائمة عليك، ففتح باب الإجابة قد يأتي متأخراً ولكنه محمل بالخيرات والأرزاق اللائقة بك حقاً {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (14) سورة القصص فالإجابة شرطها اليقين حتى مع الإمهال، والإمهال إنما لأجل النضج النفسي والإيماني. والنضج يقود إلى الاستعداد لاستقبال البهجات والخيرات، والاستعداد لا يكون مع اليأس والإحباط.