سمر المقرن
بُحّ صوت الدفاع المدني وهو يحذر الناس من مجاري السيول والأودية، مع ذلك هناك من يخرج بلا مبالاة ويستعرض ويتصور ثم ينشر الفيديوهات وكأنها مادة انتصار يبحث عن انتشارها وتداولها بين الجوالات. ولعل ذلك المشهد الذي انتشر مؤخراً لأحدهم وهو يقف على حافة السيل ويتغزل بالمنظر الذي أمامه، ورجل الدفاع المدني يقول له: (خل المنظر الخيالي وارجع).. بقدر ما ضحك الناس على هذا الفيديو بقدر ما تألمت من قلة الوعي وإدراك المخاطر التي تكون بدايتها فرحة بالمطر وضحكة واستعراض، ثم بعد ذلك يروح ضحية -نفسه- ويؤلم من حوله بفقده، ويشقي الدفاع المدني بالبحث عنه واستخراج جثته!
لماذا هذا كلّه؟ لماذا يعتقد الناس أن الأمطار هو وقت للخروج من المنزل والقيام بنزهة، مع كل الرسائل التوعوية التي يتم نشرها وفيديوهات الكوارث مع ذلك هناك من لا يتعظ! في يوم الجمعة الفائت، ومع غزارة الأمطار على الرياض اضطررت للخروج من المنزل بعد صلاة العصر نظراً لارتفاع درجة حرارة طفلي (سليمان) وفوجئت بأن الطريق إلى المستشفى القريب من منزلي مزدحم جداً، مع أنه يوم إجازة وكان يفترض أن يكون الطريق سالك، مع ذلك وفي هذا الزحام أنظر حولي كل السيارات مليئة بالنساء والأطفال والمطر يهطل بغزارة، ولولا أنني مضطرة للخروج لما فعلت، كنت أنظر بألم وأنا أشاهد الناس والأطفال وحجم الاستهتار وقلة الوعي بمخاطر الخروج في هذه الأوضاع، المشكلة أن هؤلاء لو أصابهم مكروه لا سمح الله، سوف تقوم الدنيا ويتهمون كل المؤسسات الحكومية بالتقصير وسوف يلقي غيرهم بالتهم على عدد من القطاعات وسوف تظهر فيديوهات وهاشتاقات تندد وتستنكر هذا التقصير الذي أودى بحياة الناس، مع أن الحل بسيط جداً، مع قليل من الوعي لن يكون أكثر من: (أجلس في بيتك).. فهل يُمكن أن تصل هذه الفكرة إلى كل الناس، ويتم إدراك معنى الجلوس في البيت وقت الأمطار، فما بالك بالخروج والوقوف والتصوير على فوهات السيول والمناطق الأكثر خطورة من الشوارع؟!
المطر نعمة عظيمة، ووقت هطول الأمطار من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالسعادة والهدوء النفسي الداخلي، لذا من الأجمل أن نبقى في متعة هذه الأحاسيس، حتى لا تتحول إلى مشاعر فجيعة وحزن -لا سمح الله- ونستمتع بهذه النعمة من داخل بيوتنا فلا نؤذِ أنفسنا ولا غيرنا!