فضل بن سعد البوعينين
قدر المملكة أن تكون محوراً للحملات الإعلامية الموجهة، في جميع شؤونها السياسية والاقتصادية والمجتمعية. هناك فارق بين الأحداث والقضايا المحلية المثيرة للإعلام؛ وبين استغلالها من قبل وسائل الإعلام الموجهة، أو الأجهزة الاستخباراتية التي تستثمر قضايانا المحلية لإحداث الضرر الأكبر بمصالحنا الوطنية. تغذية الإعلام المعادي بالقصص والوقائع المثيرة التي تُخلق محلياً؛ يسهم في تشكيل المشهد الإعلامي المعادي؛ الذي يتضاعف تأثيره في غياب المواجهة الكفؤة من منظومة الإعلام السعودية. ولا تقتصر «منظومة الإعلام السعودية» على وزارة الإعلام، والمؤسسات الإعلامية المحلية؛ بل تتجاوزها إلى الجهود الحكومية الشاملة المؤثرة عالمياًً؛ التي تتداخل فيها الاستثمارات الإعلامية الخارجية؛ والاستفادة من لوبيات الضغط ومراكز الأبحاث، والمؤثرين في الإعلام الدولي؛ وتفعيل دور السفارات؛ إضافة إلى الدور الأكثر أهمية خارجياً والمرتبط بوزارة الخارجية.
ضخ الاستثمارات السعودية في الإعلام الدولي من الخطوات الإستراتيجية المهمة في تعزيز دور منظومة الإعلام السعودية؛ وتحويلها إلى قوة مؤثرة تدافع عن المصالح السعودية وتحميها من الداخل والخارج. الاستثمار في المؤسسات الإعلامية؛ والمراكز البحثية الغربية يساعد على إحداث التأثير الإيجابي عليها؛ وهو ما فعلته بعض الدول التي استطاعت أن تمتلك حصة مؤثرة في صحف أمريكة وأوروبية، واستطاعت من خلالها استثمار القضايا المحلية لشيطنة السعودية؛ كما حدث في قضية «خاشقجي».
نحن في أمس الحاجة إلى ضخ استثمارات نوعية في الإعلام الخارجي ومراكز البحث للتأثير على الرأي العام الأمريكي؛ والغربي بشكل عام، ومتخذي القرار. نجحت إيران وقطر ودول معادية أخرى في اختراق وسائل الإعلام الغربية؛ وتوجيه مراكز البحث المتخصصة؛ وتمكنت من تجنيد أو استمالة الكثير من الباحثين الذين يشكلون اليوم صوتها المسموع في الحكومة والمجتمع الأمريكي.
تمتلك المملكة الملاءة المالية والعلاقات الدبلوماسية ومقومات التأثير الاقتصادي والسياسي، غير أنها في حاجة إلى الإيمان بأهمية الاستثمار النوعي والكمي في قطاع الإعلام ومراكز البحث لتحقيق الحماية التامة للمملكة والدفاع عن قضاياها العادلة.
أهمية الاستثمار في الإعلام الخارجي كان محوراً من محاور حديث معالي وزير الإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد؛ الذي استضافته ديوانية الكُتَّاب التابعة للجمعية السعودية لكُتَّاب الرأي. تحدث الدكتور العواد بشفافية مطلقة وناقش التحديات الراهنة وسبل مواجهتها وفق رؤية إستراتيجية محكمة، وشدد على أهمية التواصل بين الوزارة وكتاب الرأي دون استثناء، واستدامته لتحقيق الأهداف الوطنية التي يحمل الكتاب همها؛ أسوة بالوزارة.
لقاء مثمر أوضح من خلاله الوزير العواد الكثير من القضايا المهمة، وأجاب عن تساؤلات الكتاب، ووعد بإزالة المعوقات التي تواجه المؤسسات الإعلامية؛ وشدد على أهمية دعمها وتعزيز دورها الفاعل في الدفاع عن قضايا المملكة ومصالحها في الداخل والخارج.