رجاء العتيبي
احتاج الشرق الأوسط إلى سنتين هي عمر الرئيس الأمريكي ترامب حتى يتخلص إلى حد كبير من تركات أوباما التي جعلت جزءًا من المنطقة في حالة فوضى، فعلى سبيل المثال: نجد أن أزمة اليمن في طريقها للانتهاء لصالح التحالف العربي بقيادة السعودية، في حين انتهى نفوذ داعش في الشام والعراق بمساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أما قطر الممول للفوضى في المنطقة العربية، فتعيش في نطاق ضيق بنفوذ أقل جراء المقاطعة إقليميًا والرقابة الدقيقة عالميًا. ونجد في المقابل إيران الدولة المارقة والمحرك الفعلي للفوضى وداعمة الإرهاب قد انزوت للداخل بعد العقوبات الأمريكية الأخيرة التي قوضت نفوذها خارج الحدود.
تونس، وليبيا، وسوريا تسير باتجاه الحلول والمتوقع أن يشهد نهاية العام القادم 2019م منطقة عربية أكثر هدوءًا وطمأنينة عن ذي قبل، وفي المقابل نرى توجهات أخرى تستشرف (شرق أوسط) أكثر قوة ومتانة اقتصاديًا وسياسيًا وسط أجواء من السلام والعمل المشترك, يقودها الأمير محمد بن سلمان وأشار لها سموه في كلمته التي ألقاها في مبادرة «مستقبل الاستثمار» التي احتضنتها الرياض قبل أسبوعين.
أما تركيا ربما تبقى حاضنة للإخوان خلال السنتين القادمتين طالما أردوغان على رأس السلطة، ولكنها لن تستطيع فعل شيء سوى الضغوط والتصاريح والمناكفات، وإذا ما استمرت على هذه الصورة ستكون عقبة في بناء شرق أوسط جديد بمواصفات دول المنطقة، فالطموح والتوسع والخلافة الذي يحمله رأس أردوغان أكبر من إمكانات تركيا كدولة، ما يجعل تركيا في حالة انفصام لن تتعافى منه إلا بتغير الحزب السياسي الحاكم.
تنامي نفوذ الصين وروسيا في شرق الكرة الأرضية وبعض من أوربا الشرقية، ربما يعيدنا للحرب الباردة أيام الاتحاد السوفيتي، مقابل أمة أمريكية منقسمة على نفسها داخليًا بشكل حاد يتنازعها الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وسط أصوات بتشكيل جيش أوروبي مستقل يحمي نفسه من دون أمريكا، قال ذلك رئيس الوزراء الفرنسي ماكرون بكل وضوح.
المتوقع أن يمر بالشرق الأوسط (سبع سنوات) سمان على الأقل في المستقبل القريب, وهذا التوقع لم يأت من فراغ, وإنما يجيء بانتهاء قوى الشر: إيران, قطر, الحوثي, داعش, الإخوان, حزب الله.
حتى لو تسلم الحزب الديمقراطي الحكم في أمريكا عراب ما يسمى بـ ( الفوضى الخلاقة) بعد سنتين أو ست سنوات من الآن, فإن الزمن يكون قد تجاوزه, هناك الصين وروسيا وهناك وعي المنطقة, ووعي الشعوب, وقيادات جديدة أكثر قوة وشجاعة وذكاء, سواء كان في الشرق الأوسط أو في أوروبا, فما استطاع أن يفعله الحزب الديمقراطي في 2011 لن يستطيع أن يفعله في 2021 أو 2025.