د. حسن بن فهد الهويمل
غيثان يلتقيان على أمر قد قدر، غيث يهمي من السماء، وغيث يمشي على الأرض.
كلها من الله، وكلها بتدبيره، فله الشكر حتى يرضى، وله الحمد بعد الرضى، ومنه الفضل كله، وإليه يرجع الأمر كله، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}. إنه يومٌ مشهود، يلتقي فيه أبناء القصيم بقائد البلاد، ورائد المسيرة، وربان السفينة، ملك العزم، والحزم، والمبادرات السديدة، التي ربكت مسيرة الأعداء، وشتت جمعهم.
على أرض العطاء، والوفاء، والتاريخ المجيد، أرض السنابل، والفسائل، وثمرات النخيل، والأعناب، والرمان.
نحيي وجه الخير، وخير الوجوه بين أبنائه، وعشيرته الأقربين. فحياك الله، يا (ابن عبدالعزيز)، في بيت من بيوتك، وعند أهلك، ومحبيك.
جئت تبارك منجزاتك، وتتفقد غرسك، وتروي رياضك، وتسمع ثناء شعبك، ودعاءه الصادق لك بطول العمر، وبركته. وتسديد العمل، ورشده.
لقد سبقت إلينا أياديك البيضاء، وطوقت رقابنا أفضالك:
(وَمَنْ وَجَدَ الإحسَان قَيْداً تَقَيَّدَا)
منجزاتك المتنوعة ممتدة على الأرض، شامخة في الفضاء، مستقرة في النفوس.. جئت على قدر بطلعتك البهية، ومحياك الطلق، وفألك الحسن.
فـ(سلمان) يبشر بالسلامة، كما أن (سهيلا) يبشر بالتسهيل، هكذا تفاءل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا علمنا.
لقد كان يعجبه الفأل، ويكره التشاؤم، والطيرة. ولنا فيه القدوة الحسنة، ففألنا قائم في (السعادة)، و(السلامة).
القصيم أرضاً، وإنساناً، وتاريخاً يحيي قائده، يحيي فيه الحزم، والعزم، والمبادرات المبهجة.
يحيي فيه رجل الملمات الذي تحطمت على إرادته الصلبة كل الأطماع، وانقشعت عن سمائنا كل الظلمات، وخيبت عزماته كل الأحلام الطائشة، واستقام على يده العوج، وانخنس في عهده الفساد، ونهض في ظله الأحفاد بالمهمات الجسام، فكان عهده الميمون، دوراً رابعاً من أدوار الحكم السعودي الميمون.
لقد عاشت الجزيرة العربية طوال ستة قرون على هامش التاريخ، إمارات قبلية، وإقليمية، تقتتل على الموارد، والمراعي. ولما ابتدرها المؤسس -رحمه الله- تخطت إلى عتبات التاريخ، لتخط على صفحاته أروع المنجزات.
هذه اللحمة المتلاحمة تعهدها أبناء المؤسس من بعده، مترسمين خطاه.. وجاء خادم الحرمين الشريفين الملك (سلمان) حفظه الله، ليزيدها تجذراً، وشموخاً، ويتحدى بها كل أفاك أثيم.
هذه المظاهر، وتلك الحشود في الشوارع، والساحات، والميادين إن هي إلا تعبير عن الفرح، والمحبة.
إنه شعبك الوفي، الذي حملته بأفضالك على الحب، والسمع، والطاعة في أسعد الأيام، وأحلك الظروف.
لقد خيب آمال الأعداء الذين حاولوا اختراقه، ظناً منهم أنه قابلٌ للاستجابة. إنه شعبٌ وفي، لا يمكن أن يخذلكم، إنه جبل (طويق) قوة، وتجذراً، وصلابة، وشموخاً.
شعبٌ أحب فيكم الأبواب المفتوحة، والشفافية الناصعة، والعزمات القوية، والحزم المكين، والحلم، والأناة، والرؤية الصائبة، والتغيير الخبير: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
شعبٌ كلما حزبه أمر نبهكم إليه، ثم نام قرير العين هانيها. هذه المنجزات التي يسطرها التاريخ تشهد لكم بالصدق، والوفاء، والإخلاص، وحسن النوايا، وسلامة المقاصد، وتجمع عليكم شتيت القلوب.
يشد عضدكم ولي عهد أمين، يسابق ظله ليلحق بالركب المخب في فيافي الحضارة، والمدنية.
لقاء القائد بأبناء وطنه تمثيلٌ عملي يجسد المحبة، والولاء. أبناء القصيم شيباً، وشباباً، رجالاً، ونساءً، يتلقون ركبكم الميمون ليجسدوا للملأ ما يجب أن تكون عليه علاقة الحاكم العادل، بالمحكوم الوفي.
لقد توارث أبناء المؤسس المُلْك كابراً عن كابر، وكانوا جميعاً شركاء في صناعة القرارات المهمة.
البيت السعودي يشعر بالمسؤولية العالمية، ويهتم بالاستقرار العالمي، ويحترم سيادة الدول.
وما أن توليتم حفظكم الله مقاليد الحكم واجهتم زمنا مشحوناً بالفتن، فـ(الربيع العربي) مزق الأمة، وشتت شملها، وفرق كلمتها، ولكنكم بحكمتكم، ورويتكم، وحلمكم، وأناتكم، جنبتم البلاد والعباد ويلات الفتن. فكنتم الرائد الذي لا يكذب أهله. والمجرب الذي لا تفاجئه الحوادث، ولهذا منحكم الشعب الحب، والولاء، واستقبلكم أبناء القصيم استقبال الفاتحين.
كنتم حفظكم الله رمز العطاء والإحسان منذ نشأتكم، وحتى أنشأتم مركزكم الخيري العالمي الذي غطت خدماته أفاق المعمورة.
هذه الزيارة الميمونة التي يقوم بها -حفظه الله- لمنطقة القصيم تحمل في طياتها بشائر الخير، والعطاء. وتتزامن مع الغيث الذي يعم البلاد.
المواطنون الذين يستقبلونه بالحب، يتطلعون إلى عطاءاته التي لا تغيض، وإلى توجيهاته السديدة لكافة المسؤولين لمزيد من المشروعات التي تواكب (رؤية 2030).
إنها زيارة ميمونة، تحمل في طياتها الخير لأبناء القصيم.
لقد استقبل القصيم منذ توحيد البلاد على يد المؤسس جميع الملوك، وكل زيارة تتمخض عن مشروعات متنوعة يعم نفعها أبناء البلاد.
والقصيم أميراً، ومواطنين يحيون خادم الحرمين الشريفين. ويتمنون له إقامة سعيدة، وعوداً حميداً. ولا نقول وداعاً، ولكن إلى لقاءات أخرى تحمل الخير، والعطاء للبلاد، والعباد.