رقية سليمان الهويريني
تعمد وزارات التعليم في العالم على تعليم الطلبة المواد الدراسية بطريقة القراءة النقدية والقدرة على التحليل وإبداء الرأي لما تم قراءته، حتى يتخرّج الطالب وقد أصبح قادراً على البحث والاستنتاج فضلاً عن تهذيبه وأنسته ليملك بعدها حسن الذائقة والمنطق. ولن يتأتى ذلك إلا بأسلوب الاستفزاز العقلي وهو أجمل استفزاز حين يتبعه تنوير لا ينتهي أبداً!
وما يتعلّمه أبناؤنا الطلبة في مدارس التعليم العام وحتى الجامعي يعتمد اعتماداً كبيراً على الطريقة القديمة (الحفظ والتلقين وبعده الامتحان)، وهذه بلا شك تساهم في تجميد العقل الذي كان قبل الدخول للمدرسة، سائلاً يتمدد ليتحول بعدها إلى كتلة تدفع للكسل والتذمر!
وليتني أكون متفائلة لأطالب بجعل المناهج استفزازية للعقل فتخرجه من القمقم إلى فضاء حرية الفكر واتخاذ الرأي بلا تردد! وتشاؤمي المقيت دافعه عدم وجود عدد كاف من المعلمين والمعلمات الذين يملكون الاستقلالية بالتفكير النقدي، وسأفتح فرجة للتفاؤل لأقترح على وزارة التعليم تأهيل المعلمين على كيفية التفكير النقدي، وبالتالي إيجاد مناهج تعتمد على الحوار والجدل ومتعة النقاش لنتمكَّن بعدها من إسقاط المسلَّمات التي شرب منها طلابنا زمناً طويلاً فخلقت بهم التبعية وتقديس الشخوص وعدم القدرة على مناقشة الفكرة بعيداً عن الأشخاص!
وسأمعن في التفاؤل حين أتخيل الطلبة وقد تعلّموا الفكر النقدي الذي سيقودهم حتماً للفكر الإبداعي وهو قمة المهارات، لأن العقل النقدي ذو بعد آحادي، حيث هو في الأصل تفكيكي يقود لتشخيص المشكلة ولكنه يقف عن طرح الحلول، بينما يأتي الفكر الإبداعي ليضع الحلول بأقصر الوسائل وبطرق مبتكرة وليست نمطية. مع ضرورة أن يحاط ذلك بغلاف الإنسانية، من خلال تطويع النظم والأعراف الاجتماعية التي تكفل نجاح العملية التعليمية وانسجامها مع المجتمع المحيط.