حين نطق هذا الأمير برؤيته الإستراتيجية الطموحة استشعر العالم الغربي قوته ونباهته وانتظر أن تحين الفرصة لوضع حد لهذه البذرة الثائرة حتى لا تنمو كما خطّط لها هذا الأمير... إنهم لا يريدون أن يتحول الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة وأن يصبح البترول العربي الطاقة التي يجب توفيرها للعهد الجديد وليس تصديرها. محمد بن سلمان وضع مشروعه الطموح على رقعة المشرق العربي فوجدت الدول الحاقدة وحلفاؤها أن هذا الأمر سيعرقل سياسة الهيمنة الناعمة التي تزرعها في المنطقة.
إنه صقر الشرق القادم من بعيد يحمل رسالة التغيير وينذر الحاقدين. وأن تحريك الآلة الإعلامية في اتجاه قضية واحدة ما هو إلا دليل على مصداقية المشروع وخوف الطامعين. تركيا تحتقر الأكراد وتتوسع في سوريا وتريد قيادة العالم الإسلامي وتغيير وضعية الحرمين بالتركيز على قضية الصحفي وتحويلها إلى قضية دولية وكأن عملية الانقلاب المزعومة كانت بريئة وما تلاها من اعتقالات وخرق للحقوق، وتناست آلاف الدواعش الذين مرّوا عبر مطاراتها لنشر الإرهاب وتدمير المشرق العربي.
مشروع صقر الشرق ما هو إلا انتفاضة ضد التبعية والتخلّف. ومما لا ريب فيه فإن تحويل الشرق إلى أندلس جديدة نابع من عقلية متفتحة ذات نظرة واسعة لن يخيفها التطاول الإعلامي ولن تتوقف عند قصة واهية.
هذا الأمير حين يتكلّم عن مشرق عربي جديد فهو يعلم أن الوقت قد حان لإزالة فكر الهيمنة والتسلط والتوجه إلى بناء قاعدة اقتصادية متينة تغذيها منابع البترول والغاز العربية. هذا ما يخافه الغرب ولهذا يخطط لنسف هذا المشروع الكبير حتى تبقى أنابيب البترول موجهة إليهم بدل أن يحتفظ بها العرب لهم. وقد ذكر الأمير في منتدى الاستثمار أن هناك مشاريع مميزة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أن أوروبا الجديدة ستكون الشرق الأوسط. وقال: «لا أريد أن أفارق الحياة قبل أن أرى الشرق الأوسط متقدِّمًا عالميًّا». هذه الكلمات ترعب الغرب لأنه يعلم بما لا يدعو للشك أن هذا الصقر قادر على تحقيق هذا الحلم لذا فإن التركيز على قضية الصحفي ليس إلا مدخلاً لإيقاف عجلة النمو بالمشرق العربي.
صقر الشرق ثابت في أقواله وأفعاله وماض في طريقه ولن تزحزحه الأخبار العاجلة التي تنشر على مدار الساعة ولن تصده التحاليل الواهية والمواقف السلبية لبعض المنابر الإعلامية ولن ترهبه رغبة الحكومات الحالمة بتركيع السعودية واستنزاف ثرواتها وأموالها. هذا الأمير يدرك بفطنته ونباهته خبايا تلك اللعبة الخبيثة التي تنسج خيوطها دول طامعة حاقدة لأنها تعلم جيداً أن السعودية هي قاعدة المشرق العربي وهي شريان الحياة لهذه الأرض ولن يزلزل أركانها حكاية منسوجة.
لما أصبح لنا صقر متمرد على الواقع الباهت للأمة العربية تنافست القوى الحاسدة لوضع العقبات أمامه ونشر الأوهام وتضليل الرأي العام وتوجيه التهم الواهية وتغيير مسار الأحداث والتركيز على حدث معين بدل الخوض في مآسي أبناء فلسطين وسوريا والعراق.. إنها لعبة أنتجتها قوى حاقدة تسعى إلى تكريس الوضع الراهن وطمس كل رؤية جديدة للتغيير.
إن الأفكار التي بات ينشرها الأمير الشاب أحيت آمال هذه الأمة وأسست لثورة حقيقية نابعة من القيم والأخلاق الإسلامية. وما يقع الآن من تشويه لسمعة الأمير وبلده الطاهر في مواقع عربية وأجنبية ما هي إلا ردة فعل من الذين ترهبهم رياح التغيير القادمة من الشرق. إن إدارة التغيير لم تكن لتنجح بدون صقر الشرق وقد بدأت ثمار النجاح في البروز فكان أن تكالبت الأمم على هذا النجاح فلم تجد من سبيل سوى إنتاج مسلسل الصحفي وصناعة الوهم الإعلامي. ويبدو أن الأمير استطاع أن يبرهن للعالم في منتدى دافوس الصحراء أنه جدير بأن يكون رجل المرحلة بدون منازع. ظهر بشخصية قوية وثابتة ومتوازنة في أفكارها وواثقة من نفسها... وقدم للعالم رسالة السلام والنماء وأكد للجميع أنه قائد المستقبل.
** **
محمد مومني - أستاذ تاريخ - المغرب
moumni6@hotmail.com