د.عبدالعزيز الجار الله
إذا قررت أن تعيش في المدن الصحراوية والأقاليم الجافة، التي لا يزورها المطر بصورة منتظمة، لكن إذا جاء المطر فإنه: (كجلمود صخر حطه السيل من عل). كما قال الشاعر امرؤ القيس الكندي الذي عاش قبيل الإسلام، إذا قررت فلابد أن تتصالح مع الأودية والشعاب الكبيرة، مدينة الرياض ولدت في وسط هضبة نجد بالجزيرة العربية وبالتالي لابد أن تتصالح وتتصادق مع الأودية، ومع الفيضانات المفاجئة والسريعة، وأيضًا كما قال شاعر الأندلس لسان الدين بن الخطيب صاحب قصيدة جادك الغيث الشهيرة وشاعر غرناطة ممن ولد في أوائل القرن الثامن الهجري قال:
فجاوبتني ودمع العين يسبقها
من يركب البحر لا يخشى من الغرق
الأرواح والبطولات والمغامرة ليست بهذه الصورة الصادمة، فالرياض قد تكون أكثر المدن أمانًا من المطر -بإذن الله- لو وضعنا نصعب أعيوننا جبال طويق من الغرب، وحافة العرمة وأوديتها من الشرق، والسهل الرملي وسهوب الوسط التي بين طويق والعرمة، فمدينة الرياض لم تأتيها أمطارا شديد هذا العام حتى الآن، والتأثير المطري يكون دائمًا على شرق الرياض، أما لماذا جاء المطر يوم الجمعة الماضية على الغرب فلأن الطرق في غرب وجنوب الرياض التي كانت تتحول إلى ممر للسيول تحولت الطرق إلى مصائد تتجمع فيها المياه.
تركيبة غربي الرياض وجنوبه تركيبة جيولوجية وطبوغرافية معقدة أقيمت الأحياء السكنية على ظهرة جبال طويق وفي نهايات الظهرة تتخللها أودية كبيرة حوالي (7) أودية شبة أخدودية عميقة منها أودية: وادي حنيفة ولبن والمهدية ونمار مع شعابها وروافدها، تنحدر من أعالي الظهرة بشدة حتى تصل الأحياء السكنية والطرق أسفل الظهرة فيحدث الاحتباس، بسبب أعترض المخططات والطرق لمجاري الأودية.
كانت مياه السيول قبل أن تعترضها المخططات السكانية والأحياء والطرق السريعة كانت السيول تنساب إلى أن تصل المياه إلى بطون ومجاري الأودية بصورة سهلة، كما هو في معظم مدن العالم، ولدينا بالسعودية نماذج هي محافظة الطائف ومدن عسير، فالطرق تكون ممرًا سريع حتى تصل المياه إلى بُطُون الأودية ويكاد يكون معظم مدن وقرى المرتفعات الغربية التي أيضًا لا تنقطع أمطارها.