د. علي بن صالح الخبتي
ما أقوله عن وزير التعليم أن نكون عوناً له بعد الله ينطبق على جميع الوزراء لكنني أخص وزير التعليم تحديداً بحكم التخصص وبحكم أن التعليم أساس كل قطاعات التنمية في كل بلاد العالم وبحكم أن التعليم كان في كل أمم الدنيا قضية وهو الآن قضية وسيبقى قضية في كل زمان قادم مما حدا برئيس أمريكي سابق أن يشكل لجنة لدراسة قضايا التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية فخرجت اللجنة بتقرير مرعب عنوانه: «أمة في خطر» قالت اللجنة فيه: «يا فخامة الرئيس: لو أن هذا التعليم الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية مفروض عليها من أمة أخرى لأعلنت عليها الحرب» تصوروا، هذا ما قيل عن التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية وهي من هي وما نعرفه عنها فكيف بالتعليم في بقية بقاع العالم.. أنا لا أقول هذا الكلام دفاعًا عن الإخفاقات في التعليم والسلبيات التي تعتري بعض جوانبه، أبداً. بل أقول هذا الكلام إن التعليم وتطويره وظهور نتائج التطوير عملية صعبة وتحتاج إلى وقت وجهد ومشاركة وأهم من ذلك، مواقف إيجابية من قبل، أولاً العاملين في التعليم وثانياً من قبل المجتمع بكامله.. أؤكد لكم هنا بدون هذه الشروط الثلاثة لن يتقدم التعليم حتى لو جلبنا له كل أساطين وخبراء التعليم في العالم.. نسمح بوقت ونشارك ونحمل مواقف إيجابية تجاه تعليمنا والجهود التي تبذل فيه.. المواقف السلبية تمنع المشاركة الفاعلة الإيجابية وتحبط العاملين وتمنع تحقق النجاح في خطوات ومراحل الإنجاز.. وبكل شفافية ووضوح نسمع ونرى ونقرأ مواقف سلبية وإحباطات وأحياناً تشويهًا لكل ما يُنفق ويُعمل ويُحقق، وكثيراً من الأحيان بدون معلومات دقيقة ومعرفة عميقة واطلاع واعٍ بكل ما يتم إنجازه.. هذا فيه ظلم للقيادة التي تخصص حوالي 25 % من ميزانيتها للتعليم وظلم لجميع العاملين في التعليم.. أمر آخر، يجب أن لا ننسى أن مسؤولية الوزارة تضخمت أربع مرات.. كان التعليم في السابق مقسوم بين أربع وزارات وكان هناك نقد لاذع لكلٍ منها.. والآن جُمعت وزارة التربية والتعليم بوزارتيها للبنين والبنات مع وزارة التعليم العالي مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني فتضاعفت مسؤولية وزارة التعليم أربع مرات.. وهنا الوزارة تحتاج إلى كل جهد من جهود العاملين فيها أن يفهموا أولاً ما يتم فيها من إنجاز ويتفاعلوا معه ويساعدوا على تحقيقه بما يضمن بعد توفيق الله خدمة ديننا ووطننا ويضمن لنا بعد توفيق اللالوصول لأهدافنا المرسومة والطموحة.. يجب أن يكون لدينا الوعي على أعلى مستوى أن مواقفنا ومشاركاتنا وقبولنا بما يتحقق من إنجازات مرحلية إنما هي أولاً خدمة لوطننا وثانياً مدعاةً لتحقيق المزيد في خطوات تجعلنا نضع أيدينا معاً نحو المزيد من الإنجازات.. العالم اليوم لا يرحم المقصرين والخاملين والعاجزين الكسالى. الذين لا هم لهم إلا النقد ولا يعملون ولا ينجزون بل ويحبطون المنجزين ويوسعون دائرة المواقف السلبية بين أفراد المجتمع بكل طريقة ووسيلة متوفرة لديهم وحتى عن طريق مجالسهم هم، عرفوا أم لم يعرفون، يضعون وطنهم في مصاف البلاد المتخلفة التي تبدوا للعالم أنها بلاد خاملة عاجزة كسولة وهي في الواقع غير ذلك.. إنهم عرفوا أم لم يعرفوا أنهم أحد أسباب التخلف.. نعم هناك تأخر في بعض البرامج.. ونعم هناك إخفاقات في بعض المشروعات.. ونعم هناك سلبيات في بعض الجوانب.. لكن السؤال الكبير: لماذا لا نرى أمامنا إلا هذا التأخر وهذه الإخفاقات وهذه السلبيات.. ولماذا يقتصر دورنا فقط على النقد وأحياناً التجريح.. لماذا لا يكون لنا مساهمة بدور يرتقي بالعمل ويحسنه؟ لماذا لا يكون لنا دور في إنجاح المشروعات التي تُطرح؟ لماذا، إذا لم نعمل ونساهم في النجاحات أن نفسح المجال للمشروعات المطروحة أن تأخذ فرصتها للنجاح؟ يجب أن نعرف أننا مهما اقترحنا من مشروعات أنه لا بد أن تبرز جوانب سلبية في تلك المشروعات.. والتركيز على الجوانب السلبية في أي شيء لا يعطي الفرصة للجوانب الإيجابية بالظهور بل يقتلها في مهدها.. هل هذا معروف؟ إن المواقف السلبية والحديث السلبي وعدم المشاركة الإيجابية كلها أمور تؤدي لفشل ما يتم إنجازه خصوصاً إذا أتى ذلك من أهل البيت.. إنني لا أشك أن الجميع يحب الوطن ويرغب في النجاح لكن هذه المحبة وهذه الرغبة لا بد من ترجمتها إلى الواقع بمواقف إيجابية تجاه ما يتحقق وبمشاركة فاعلة وبحديث إيجابي يكرس الإيجابيات ويعطي مقترحات على كيفية معالجة السلبيات..
وخلاصة القول فإن المأمول من العاملين في التعليم بشكل خاص والمجتمع بشكل عام أن يحاولوا معرفة ما يتم إنجازه وتحقيقه وأن الموضوعية تقتضي أن نعرف أن كل منجز في أي مكان في العالم له إيجابيات وفيه سلبيات.. وأن الموضوعية تقتضي أن نكرس الإيجابيات ونعمل على تعزيزها وبثها والحديث عنها في مواقف إيجابية تعمل وتساهم على توسيع دائرة تلك الإيجابيات وأن نقترح لأصحاب القرار ما نراه من سلبيات تعمل على تحسين وتجويد العمل والمضي إلى مرحلة تلو مرحلة معاً يداً واحداً وقلباً واحداً لخدمة ديننا ووطننا مقدرين لقيادتنا وللعاملين في التعليم كل ما ينجزونه ويعملونه, وهذا فيه عوناً بعد الله لقيادات التعليم ونجاحها.. وفق الله كل جهد مخلص يسعى لتحقيق العزة لديننا والرفعة لوطننا.