يوسف المحيميد
في يونيو الماضي صدر أمر ملكي بإنشاء وزارة مستقلة للثقافة، بعد أن كانت الثقافة مرتبطة بالإعلام، وأصبح للثقافة مكانة تختص بها، بما يقود إلى رؤية المملكة التي تدرك أن الثقافة صناعة، وذات منتج مهم، يمكن أن يسهم في التنوع الاقتصادي، ولعل من إيرز تركات وزارة الثقافة والإعلام السابقة، معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي ورثته من وزارة التعليم العالي، وأدارته بنجاح متفاوت على مدى أحد عشر عامًا، وقد بنت على بدايات وزارة التعليم العالي، حينما كان يقام في الجامعات السعودية ثم في أرض المعارض قبل انتقاله لمركز معارض الرياض.
بعد أشهر عدة، وخلال موعده المعتاد، شهر مارس من كل عام، سيحضر معرض الرياض الدولي للكتاب، ولأول مرة، بقيادة وزارة مختصة بالثقافة فقط، وننتظر أن يكون متميزًا ولافتًا من حيث الأفكار والتنوع والثراء، فعلى سبيل المثال، لم يكن مقبولاً أن تمثل دور النشر السعودية في مارس الماضي نحو 31 بالمائة من دور النشر المشاركة، أي نحو الثلث، وكما لو كان المعرض يتجه إلى أن يصبح معرضًا محليًا، وهذا لا يتفق مع سمة المعرض الدولية، لذلك على وزارة الثقافة أن تمنح دور النشر العربية والدولية مكانة أكبر، وأن تعيد الروح للمعرض شكلاً ومضمونًا، بأن تمنح دور النشر حرية تصميم أجنحتها بدلاً من (الدكاكين) السنوية، وتمنح أيضًا المزيد من الحريات لمنشورات المعرض، وتجعله مكانًا ممتعًا للقارئ وللعائلات، وتعيد تشكيل نشاطاته المنبرية، وجوائزه السنوية، وغيرها. كل ذلك يحتاج إلى العمل مبكرًا، للوصول إلى نقلة نوعية مهمة للمعرض، بما يرضي ذائقة القارئ المتطورة.
استعدت هذه التأملات والهموم، وقد اختتمت الشارقة بالأمس معرضها الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين، تلك المدينة الصغيرة والبسيطة التي تُشعر زائرها أنها نذرت كل شيء فيها للثقافة، فكما تخصصت جارتها دبي في الإعلام، تخصصت هي في الثقافة العربية، وهذا يسعدنا كثيرًا، ويشعرنا بالتحدي للتقدم أمامًا بمعرض الكتاب لدينا، خاصة وقد تجاوز عمره الأربعين عامًا منذ أول معرض صغير نُظم عام 1977، بما يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة، ندرك معها أهمية الكتاب في التثقيف ورفع درجة الوعي، وكلنا انتظار وشغف بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2019، وثقة بما ستقوم به وزارة الثقافة نحو هذا المنجز الكبير.