د. تركي بن هشبل
الإعلام المسيّس هو أحد أوجه الإعلام السلبي الذي يخدم أجندة سياسية مغرضة, هدفها الأساسي إلحاق الضرر بالآخرين, بعيداً عن معايير المهنة وموضوعية الطرح وحيادية المبدأ. تقوم بعض المؤسسات الإعلامية المرئية والمقروءة بهذا السلوك رغم نفيها التهمة ووصف نفسها بالموضوعية أو المهنية أو الحيادية. هذا السلوك قد يكون واضحاً في بعض الأحيان أو غامضاً ومتخفياً في أحيان أخرى, وهو ما قد يسرّع أو يبطئ تحقيق الهدف الذي تسعى المؤسسة الإعلامية لتحقيقه. ومن أبرز من يمارس هذه الممارسات الإعلامية الدنيئة هي قناة الجزيرة التي استغلت قضية جمال خاشقجي لتظهر أحقادها وتشن هجوماً على المملكة العربية السعودية مستخدمة إستراتيجيات متعدِّدة نذكر هنا أبرزها:
أولاً: استضافة بعض المرتزقة والمعارضين في كل برامج القناة للتأجيج ونشر أكاذيب وافتراءات وخلق سيناريوهات تخدم توجه القناة والهدف الذي تريد الوصول إليه وهو إدانة السعودية وتشويه سمعتها, وذلك كما حصل بشكل مكثَّف في الأيام الأولى من اختفاء جمال خاشقجي. وما يثبت ازدواجية المعايير في القناة هو عدم ذكرها من الأساس لحالات مشابهة أو أسوأ, مثال ذلك حالة «الاغتيال» كما وصفتها شرطة إسطنبول عام 2017 للإعلامي الإيراني سعيد كريميان المحكوم عليه غيابياً في طهران بالسجن لمدة 6 سنوات بتهمة نشر دعاية مضادة لإيران.
ثانياً: إحداث تأثير في الرأي العام الدولي وبخاصة الأمريكي والأوروبي من خلال مسؤولين أو مسؤولين سابقين لهم علاقة مع الدوحة من خلال استضافتهم المتكررة لحضور ندوات ومؤتمرات في الدوحة أو في مدن عالمية أخرى, وهي وسيلة يحصل فيها هؤلاء المسؤولون على مبالغ عالية وتذاكر سفر وإقامة في فنادق فارهة, كما أنها وسيلة لقناة الجزيرة لاستعمالهم في دعم أي رأي مغرض أو موجه لهدف معين, ومثال ذلك السيناتور الأمريكي راند بول الذي يشن هجوماً صارخاً على السعودية فيما يخص قضية جمال خاشقجي وذلك كما هو مطلوب منه, وهو لا يستطيع كما غير في أن يتأخر عن أداء الواجب القذر خشية انقطاع العلاقة المغرية والفارهة مع الدوحة.
ثالثاً: حصر عمل القناة على قضية جمال خاشقجي منذ بدايتها وبث الأخبار والتحليلات والأصداء المتعلقة بها طوال البث اليومي وكأن العالم خلا من الأحداث والأخبار. هذه الإستراتيجية هدفها زرع انطباع لدى الرأي العام بأن القضية كبيرة وخطيرة والأهم على مستوى العالم وتحتاج إلى تدخل دولي وهو ما يحقق للقناة هدفها.
رابعاً: الطلب من جميع مراسلي القناة حول العالم سؤال المسؤولين في كل الدول من رؤساء دول أو رؤساء حكومات أو وزراء أو مسؤولين في الهيئات والمنظمات الدولية عن رأيهم فيما حصل لجمال خاشقجي وما هي ردود فعلهم تجاه السعودية. يأتي دور قناة الجزيرة بعد ذلك في نقل ردود فعل المسؤولين فقط دون إظهار المراسل حتى لا يظهر للرأي العام أن القناة هي من تبحث وتسأل عن ردود الفعل وتعطي في نفس الوقت إيحاءً بأن المسؤول هو المهتم بالقضية وهو المبادر بالحديث واتخاذ موقف. تأتي هذه الإستراتيجية لتعطي انطباعاً للرأي العام بأن القضية خطيرة وتشغل العالم وأن الجميع يطالب بردود فعل, هذا قد يسهم في تحقيق هدف القناة بالضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف تجاه السعودية.
خامساً: تقوم الدوحة بدفع مبالغ مالية لمنظمات غير رسمية في أمريكا والاتحاد الأوروبي مستغلة ضعف مواردها المالية للقيام بمظاهرات أو تجمعات حول سفارات المملكة أو مقار الحكومات للاحتجاج على ما حصل لجمال خاشقجي وبالتالي تأجيج الرأي العام والضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف تجاه السعودية, مثال ذلك ما قامت به منظمة كود بينك (Code Pink) من احتجاج أمام البيت الأبيض ومسيرات في شوارع العاصمة الأمريكية.
هذه أساليب إعلام الجزيرة التي تتخذ من الكذب والخداع والزيف منهاجاً وسبيلاً لكي تشوّه سمعة هذا الوطن الغالي، وهي أصغر من أن تفعل ذلك في ظل ما ننعم به من قيادة رشيدة وشعب واع بكل ما يحيط به من مخاطر وأطماع تستهدف وحدته وكيانه.