د. أحمد الفراج
وأخيرًا، انتهت الانتخابات النصفية الأمريكية بما يشبه التعادل السلبي، ومن كان يتابع آلة الإعلام الديمقراطية الضخمة، أعتقد أن الجمهوريين كانوا سيخسرون كلا مجلسي الكونجرس، الشيوخ والنواب، خصوصاً مع الحرب الشرسة التي لم تتوقف ضد ترمب، منذ انتخابه رئيساً، من قبل أضخم وسائل الإعلام الأمريكية وأكثرها شهرةً ونفوذاً. هذا، ولكن اتضح أن جولات ترمب الانتخابية المكثّفة لمناصرة المرشحين الجمهوريين جاءت بنتيجة إيجابية، إذ استطاع الجمهوريون الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ، وهو المجلس الأهم والأقوى والأكثر تأثيراً، بل واستطاعوا الحصول على مقاعد إضافية، لم يتحدّد عددها بعد، أثناء كتابة هذا المقال.
هذه الانتخابات، التي انتظرتها أمريكا والعالم معها، كانت لكامل أعضاء مجلس النواب، والبالغ عددهم 435 عضواً، يمثِّلون الولايات الخمسين بالنسبة والتناسب، حسب عدد السكان، والفترة الزمنية لعضو مجلس النواب هي سنتان، وعلاوة على ذلك، كان هناك اقتراع على ثلث مقاعد مجلس الشيوخ، والمدة الزمنية للفائز بعضوية مجلس الشيوخ هي 6 سنوات، ويبلغ عدد أعضائه 100، أي كل ولاية يمثّلها اثنان، بغض النظر عن عدد السكان، يستوي في ذلك ولايات كبيرة، مثل كاليفورنيا ونيويورك، وولايات صغيرة جداً، مثل فيرمونت ومين، وانتخابات مجلس الشيوخ لا تحصل لجميع الأعضاء دفعةً واحدة، كما في مجلس النواب، بل يتم الاقتراع على ثلث مقاعد المجلس كل سنتين، وقد استطاع الجمهوريون الاحتفاظ بأغلبية المجلس، ولكنهم خسروا مجلس النواب.
استطاع الديمقراطيون الفوز بمجلس النواب، وهذا يعني أنه ستكون لديهم الفرصة لعرقلة عمل ترمب، خلال السنتين القادمتين، وهناك أمران سيضطر ترمب لمواجهتهما، الأول هو أن مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية يستطيع إجبار ترمب على تقديم سجله الضريبي، الذي نجح حتى الآن في عدم كشفه، ولا أحد يعلم لماذا يصر ترمب على عدم الكشف عنه، ولا لماذا يتحسس من ذلك، والأمر الآخر هو أن بإمكان مجلس النواب عزل ترمب، إذا ما توفرت الأدلة بما يكفي لإدانته، وغني عن القول أن عزل المجلس لترمب يعتبر الخطوة الأولى في إجراءات العزل المعقدة، ويستمر الرئيس في أداء عمله، حتى بعد تصويت مجلس النواب بعزله، لأن العزل النهائي لا يتم إلا في مجلس الشيوخ، بعد محاكمة الرئيس، وتصويت المجلس على العزل بأغلبية الثلثين، ما يعني أن عزل ترمب صعب للغاية، بل شبه مستحيل، بعد استمرار سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، وسنواصل الحديث عن تطورات ما بعد الانتخابات النصفية!