هيمنت التقنية وولدت اجتماعاً ذوّب الحواجز، فصيّرت العالم بين أصابع العامة والخاصة، على مرأى العين وعلى مدار الساعة.
تنقلك وأنت مستقر، تسامر الناس ويسامرونك، تتحدث إليهم ويحدثونك.
مكونين مزيجًا مترابطًا أو غير مترابط من الأفراد والروافد.
لم تكن هذه الفكرة وليدة هذا العصر فقد شابهت هذه الوسائل _في الماضي البعيد_ ما سموه بالحمام الزاجل في تناقل الرسائل ونقل الثقافات ، ودوام العلاقات والسؤال المطمئن.
جاءت هذه التقنيات الحديثة موائمة للتسارع الزمني الذي نعيشه اليوم مما أسهمت في سهولة تطور عجلة الحياة والثقة في المواكبة مع مضامين الطرح أيًا كان.
رحلة بدأت من طائر إلى طائر ومسامر، إيذانًا بالتحليق في سماء عصر الحداثة الرقمية
يقول ثامر شاكر:
«جهازُك السحريُّ يربِطُك بقائمة طويلة من البشر، بوجوهٍ لم تُقابلها من قبل، وأماكنَ تطؤها لأول مرة بعينيك؛ يمنحُك الفرصة لِأنْ تقتحمَ كلَّ عالم أردتَ وتمضي بلا جواز سفر، جهازُك أصبح نفسَك»
أفانينٌ خُضُر
وعرضًا سريعًا لأنموذجٍ منها:
ما يكون خاصًا بالرسائل الفورية التفاعلية التي هي سمة تطبيق الواتس آب
(WhatsApp)
المؤسس عام 2009 من قبل الأمريكي: «بريان أكتون»، والأوكراني: «جان كوم»
من مميزاته؛
المجموعات: فقد اختصرت الاتصالات الهاتفية إلى الرسائل التفاعلية
أصنفها بلمحة عامة:
-أسرية الأعضاء: بينهم صلة القرابة
وفيها صلات الود، ومواعيد المناسبات، والوعظ، والتسلية والضحك، وعموم الفائدة
وظيفية: يجمعهم العمل لغرض العمل
عامة: بلا هوية بهدف الاجتماع فقط
مخصصة: لهدف معين كثقافي أو اجتماعي
فالاجتماعي لخدمة المجتمع، يرسل داخله الدورات والورش المجانية، وتبادل الخبرات العملية، والتطوع فيما يعود بالمنفعة.
كـ(نادي المسؤولية السعودي)
أما المجموعات الثقافية الأدبية تجزأ إلى جزأين:
الأول: المتخصصة في إبداع محدد؛ كالقصة القصيرة جداً، أو الشعر، أقلام هذه المجموعات أدباء ونقاد، يُعرض فيها النص للقراءة العميقة والنقد الرصين والتصويب الذي يرتقي في الكلمات. كـ (ملتقى نخبة الخيال) ملتقى القصة القصيرة ،)
الثاني_ العامة:
يتخللها الرتابة، ثم تصل إلى الخمول والتوقف أو المشاركة بداوعي المجاملة، ابتداء من تسرب الفاعلين بها فرداً فرداً، وقد تتجه إلى التلاشي التام.
يرأى كذلك بعض الباحثين المتابعين أنها غير مجدية، يكثر بها مجاملة أصحاب النصوص والتصفيق لهم، يفتقر للتوجيه الموضوعي.
تقول الكاتبة أ.نادية السالمي في مقالها القروبات..حديث شفافا
« تموت المجموعات كلما اتقد فيها الفراغ.
تعرف أن هذه المجموعة اتقد فيها الفراغ إذا لم تتدفعك للتفكير، ولم تعلمك كيف تتخذ موقفًا بعد هذا التفكير.
إذا وجدت نفسك مضطرًا فيها للنقاش عن المسلمات والثوابت.
إذا زادت معاركك الكلامية وكثر ضحاياك.
«.حين لا تضيف لك شيئًا معرفيًا أو ثقافيًا وحتى إنسانيًا
وبعد قراءة رُصدت القليل من المشاهدت على المجموعات، وعرضت أمامكم القراء الأعزاء التي فوائدها صلة الرحم، نشر الدورات المجانية، إقامة وإعلان ورش العمل، الأمسيات، التطوع، إقامة محاضرات، كذلك إجابات على أسئلة الاستبيانات البحثية، ونشر النصوص الإبداعية، ونقدها وتصويبها.
من السلبيات التي تفقد هذا البرنامج الثقة في طرحه واتسامه بالملل بأسباب عدة؛ مثل:
القص واللصق بدون تثبت ،التكرار، المجاملات، النقاشات الحادة، الحالات المزاجية، الركود، الخمول، الاختفاء.
هذا وإن لكل تقنية حدين، فما على مقتنيها إلا أن ينهل من ينابع طهر الحقيقة، ونور المعرفة، كما عليه أن يتجنب نقل أو تصديق الإشاعات المغرضة، والأكاذيب المقصودة أو غير المقصودة فيما يسبب زعزعة الثقة والتخويف في حدود المتلقي سواء من ناحية نفسه أو الأسرة أو المجتمعات أو الوطن.
** **
- محمد بن زعير