يقول البعض
«من أدبيات النقد أن يكون بين الناقد والكاتب فقط..» طبعًا عندما يكون النقد سلبيًا، وهذا خطأ جسيم، لأن «النص» عندما يُبعثُ من خُلد الكاتب ويخرج على الملأ في «كتاب» أو عبر «تغريدة» من خلال Twitter أو «تدوينه» على الـ Facebook لا يعود مُلكًا لكاتبه فحسب إلا من حيث «النَسَب» وما عدا ذلك فإنه من حق القارئ سواء كان مُعجبًا بالنص أو ناقدًا له أن يقول رأيه على الملأ فيما ظهر على الملأ.. حتى وإن لم يكُن ناقدًا عليمًا بأدوات النقد وتفكيك النصوص وقراءة ما وراء الرموز وما بين السطور.. وهذا لا ينفي عن الكاتب حقه في الرد والتوضيح.
ومن خلال تحليل بسيط فإن الكاتب الذي اختار أن يُجاهر بما كتب لابد أن يملك الشجاعة ليواجه أيّ خطأ قد يقع فيه، وأن يكون مسؤولاً مسؤولية تامة عما كتب، وإن كان -مُثقفًا- فلابد أنه على دراية مُسبقة بأن النشر يحتمل قراءً من المُعجبين والنقاد، فلا يوجد كاتب من الشرق والغرب يتفق الجميع على «نصوصه» أبدًا.
ولكن ما الذي يحملني على قول إن كان مُثقفًا ووضع ذلك النعت بين شرطتين..؟ وبكل بساطة أُجيب لأن الكتابة ليست مقرونة بالثقافة أبدًا، والعلاقة بينهما مُرتبكة، خاصة في الوقت الحالي، الذي صار فيه الكُل كُتابًا، فثقافة الكاتب تتضح من خلال وعيه عندما يكتب، كما أن قراءاته سوف تُمطر على لُغته وفلسفته للأشياء. والأهم من هذا وذاك أنه سوف يمتلك المقدرة على تقبل الرأي الآخر الذي يُدلي به النُقاد، دون أن يحمل ضغينة على أحد، لأنه سوف يكون على علمٍ بأن النقد موجه للنص لا الشخص، ولأن المثقف يهتم جدًا بما يُسهم في ارتقاء الأدب والثقافة وليس بما يرفع مبيعات كُتبه ويعزز أسهمه عند المتلقي فحسب.
لذلك فإن الذين قالوا إن النُقاد كالحلاقين يقتاتون من رؤوس الآخرين، لم يفهموا المُراد من هذه العبارة، فراحوا يرددونها بسذاجة وبلاهة غير مستغربة، فضلاً عن أنهم يمارسون الشيء نفسه حين يضعون «مراجعاتهم» الساذجة عبر الوسائط الاجتماعية لقراءاتهم من الكتب، وينشرون ما يتلقونه من مديح عبر حساباتهم الشخصية، متناسين أن من يمدحك اليوم ربما لا تعجبه في الكتاب التالي، ومتغافلين عن دور الناقد في تعزيز نقاط قوتك، وتنبيهك لمواضع ضعفك. وهذا ما لا يقدمه لكل «الفانز» على كل حال. فهؤلاء الـ «فانزات» لا يحملون في طياتهم عُمقًا يخدم النص، بقدر ما يسهمون في تضخيم الكاتب حد الانفجار الذي سوف يذره وحيدًا خاليًا من الجمهور والنقاد والقُراء العاديين حتى.
** **
- عادل الدوسري