علي الخزيم
ودخل فصل الشتاء مجدداً ليجد فيه متوسط وميسور الحال متعة لا تتوفر إلاَّ بهذا الفصل من السنة، إذ إن لكل فصل مراسمه وبهجته، وكل يُكَيِّف نفسه مع تتابع الفصول بحسب إمكاناته ورغباته، غير أن فئة وشريحة من كل مجتمع سوف تعاني خلال الشتاء من نقص بالملابس والأغطية والأغذية المناسبة وأجهزة التدفئة باختلاف أنواعها وأغراضها، هناك أسر يأخذها الألم والهواجس على أطفالها من قارس البرد قبيل دخول موسم الشتاء تحسباً لما سيكون خلاله من متاعب، وليس لهم بعد الله سبحانه إلاَّ أيدي المحسنين وفاعلي الخير.
وكمثال على فاعلي الخير النشطين الساترين المخلصين لعملهم؛ سأحدثكم عن جمعية (مُرخَّصة) تتولى شؤونها وإدارتها مجموعة من المعلمات المتطوعات دون مقابل، بل يدفعن بعض التكاليف من مرتباتهن، لا يستلمن أي مبالغ أو مواد عينية من المتبرعين، يعملن على تحري أوضاع الأسر المحتاجة لا سيما المتعففة ويسجلن الاحتياجات الضرورية العاجلة فما دونها تدرجاً، ثم إذا تقدم أحد المتبرعين عبر الهاتف يعرض ما لديه يطلب المنسق وهو متعاون متطوع غالباً يكون زوج إحدى المعلمات المتطوعات بالجمعية من المتبرع تزويده قدر الإمكان بصور عبر هاتفه المحمول للمواد العينية الجاهزة للتبرع بها، ثم تتم معاينتها من المتطوعات ليتم تحديد الأسرة المستفيدة بحسب الآلية المتفق عليها وحسب أولويات كل أسرة، ثم تتم مخاطبة الأسرة ومخاطبة المتبرع لتحديد موعد نقل المواد بالسيارة المستأجرة، وإفهامه طريقة دفع أجرة النقل فإن رغب تحمل التكاليف كتبرع منه أو تتولاه القائمات على الجمعية، وحين تسليم المواد للأسرة وتركيبها وترتيبها بمنزلها يتم تصويرها وتزويد المتبرع بصورة تثبت وصولها للمحتاج دون إيضاح للمنزل أو عنوانه أو اسم صاحبه ولا رقم هاتفه إن كان لديه هاتف، حفاظاً على كرامة الأسرة المتعففة وصيانة لمشاعر الكبار والصغار، هذا نموذج يبدو لي أنه طيب لسد حاجات المعوزين والأيتام والأرامل.
ولا بد من التذكير أنه لزيادة الأجر والمثوبة يجب أن نتبرع ونقدم لهذه الأسر مستورة الحال من جَيِّد ما نملك وأن نقدم لهم بعض المال فلهم احتياجات خاصة لا نعلمها، فليست الحاجة مقصورة على الملابس والألحفة ونحوها، هناك خصوصيات ومرضى يحتاجون لبعض الأدوية والمستلزمات الصحية التي يخجلون أحياناً عن التحدث بها مع الآخرين والمتصدقين، ومن اللباقة ورقة التعامل أن نتحسس هذه المطالب ونقدم ما يغطي مصاريفها لمن يغلب الظن أنهم مضطرون لتوفيرها، كما أنه من المحبب تقديم بعض المال للأسر المحتاجة لسد بعض احتياجاتها وإن لم تكن ضرورية جداً فهم بشر مثلنا ولهم رغبات، فلماذا لا نسعدهم بقدر ما نستطيع، كنت مع الأسرة في أحد الأسواق وجاءت امرأة وأطفالها يطلبون العون فقدمنا لهم ما قسم الله، وبعد جولة شاهد طفلي أحد أطفالها يتناول المثلجات (آيسكريم)؛ فقال متعجباً ما معناه: انظر يا أبي أنهم يضيعون المال على أمر غير ضروري! فأفهمته بلطف أنهم مثلنا يحبون هذه الحلوى، وليس لنا أن نتحكم بهم حينما نقدم لهم بضعة ريالات.