رمضان جريدي العنزي
ما عندنا إشكاليات مستديمة، ولا أمور مستعصية، ولا خطب واهية، ولا فلسفات معقدة، وجوهنا بها حياء، وسحناتنا عربية، لنا إبداعنا، ولنا عطاؤنا، ولنا قولنا، وفصل الخطاب، وموقفنا إذا ما وقفنا مغاير، ونمتاز بالكثير من المزايا الفاضلة، لغتنا ليست رمادية، وعشبنا ندي، وحديقتنا مترعة بالعطر وبالزهر، قدحنا ليس مكسور، وآنيتنا ملأى وليس بها ثقوب، نجيء حين نجيء، ونذهب حين نذهب، ونجلس في الصدارة حين نجلس، ألسنتنا بالقول قويمة، صدورنا رحبة، ورواياتنا عميقة، ولا نشيح عن المألوف والمعهود، قصصنا واقعية، وبطولاتنا ليست مزيفة، وأفعالنا ثابتة، لنا البلور والسنبلة، والحفل والمحفل، والقصيدة والنشيد، ونزهو بأفعالنا، لنا من الضياء لونه، ومن البستان العطاء، نعرف أن المدى مدى، وليس في طريقنا إنحناء، وظلنا في كل حالاتنا مديد، ولا نعرف الأذى، مثل ورد يراقص في الصبح الندى، فنارات نحن، ولسنا ستار ظلام، لنا حلمنا، لكن إذا ما غضبنا يصير الحلم عندنا غمام، لنا سمونا، ونمنح الحياة معنى، ونرفع رايات السلام، نطرد الشيطان وحزبه، ولا نخلط الشك باليقين، ولا نعمل من التيه رواية، ولا نجعل من الوهم حكاية، ونعرج للمعالي على سلالم من يقين، وننثر اللقاح في مواسم الجفاف، لكي يجيء بعد الجفاف الربيع، لا نوغل في هجير الندم، ولا ننام بين شعب الهراء، ولسنا كغيرنا نمسح تجاعيد الوجه بمناديل الغباء، ولا نضاجع الخديعة كما يفعل غيرنا بانتشاء، ما عندنا بهت أو دجل، قوارير عطرنا ليست فارغة، وممرات رخامنا ثمين، ولا نخرج أو نحيد عن حدود اللياقة واللباقة، ولنا القدرة على جعل المعلقة نثراً، والنثر معلقة، ولا نعرف كغيرنا أن نحول الحق باطلاً، والباطل حقًا، والقبح حسناً، والظلام سنا، والصراط المستقيم إعوجاج، نمشي بثقة على الأرض، ولنا قدرة المشي إذا ما اضطررنا على الماء، ننام على حلم مفتوح بلا دائرة، ونصحو على دهشته الباذخة، وفلسفتنا في العمل فارهة، ولسنا كغيرنا نجعل من الجهات ستًّا بدلاً من أربع، ولا نعرف أن نجعل من الطين مرايا، ولا من القبح هوى، والأخلاق عندنا ثابتة وليست متاعاً سقط من قافلة، مجنون من قال عنا بأن أفعالنا ناقصة، ومعتوه من قال عنا بأن أيدينا قاصرة، وفاشل من وسمنا بالموبقات من الكلام، وكاذب من قال عنا بأننا لسنا بواسل، وباهت من قال بأن غيومنا ليست محملة بالمطر، وبأن نخيلنا لا يطرح الرطب، وبأن مرايانا ليست واضحة، وبأن رياحنليست حارة أو مدمرة، دجال من قال بأن أصواتنا واهنة، وواهم من قال بأن أفعالنا رقيقة، قلبه عامر بالسواد من يمتهن علينا الشك والريبة، أو يمارس علينا لبس الأقنعة، طحلب يعيش في مستنقع من يحاول أن يوهننا أو يضعفنا أو يقول علينا ما ليس فينا جورًا وزورًا وبهتًا، ليس لديه نجابة أو رجاحة من يحاول هدمنا وتخريبنا، لا يفقه قبضتنا في المنتصف، أو شعرتنا الفاصلة، أو حكمتنا البالغة، أو هدؤنا الذي يشبه ما قبل العاصفة، من يحاول ترجيفنا أو تخويفنا لا يعرف التوهج، من يحاول أن ينقض العهود والمواثيق معنا لا يعرف الألق، ليس أمينًا من يحاول معنا شبك الخطوط والخيوط، أو يمارس معنا موبقات الغدر والجحود والخيانة، ليس قيثارة، ولا عزفه مجيد من يحاول جعل الفراشات عقارب، أو التمساح غزالة، غاوٍ وتائه من يتلو على مسامعنا نشيد الدم وأغاني النار، ويلغو علينا في الدهاليز المعتمة، مجنون بجرعات عالية من يحسب إننا نخاف من نقيق الضفادع، وحركات الثعالب، وبهلوانية المصارعين في حلبة المصارعة، لهم الصخب والزعيق والضجيج، ولنا الحقيقة والحال والواقع، لهم الرماد والقتامة، ولنا السناء ومدارات البياض، فليتماهوا كيفما يريدون، سينهكهم التعب، وسيصبحون كما كان غيرهم مجرد حجارة تركل، أو منديلاً يرمى، وسنبقى نحن الخلود والتاريخ والأرث والأسطورة.