د.دلال بنت مخلد الحربي
نشر الدكتور محمد الخازم الأسبوع الماضي في زاويته في صحيفة الجزيرة (ع 16834) يوم الأربعاء 22 صفر/ 31 أكتوبر مقالاً بعنوان: وقفة مع المناصب الجامعية، تحدث فيه عن اوضاع تتعلق بآلية المناصب القيادية في الجامعات، من أكبر مسؤول وهو مدير الجامعة، إلى رئيس القسم، والمحسوبية في التعيين والتمديد.
وماأشار إليه الخازم يعرفه كل من يعمل بالجامعات السعودية، وإن كان أكثر وضوحاً في جامعات بعينها، وهو مايثير دهشة الكثيرين، للأسباب منها:
- عدم إتاحة المجال والفرصة على نحو عادل لأعضاء هيئة تدريس عندما يتم حصر المناصب في أشخاص ومن ثم يجدد لهم من وقت لآخر، دون إتاحة المجال لعناصر قادرة على أداء المهام الإدارية والعلمية، ومثل هذا التوجه قد يؤدي إلى شعور المسؤول بالأمان، ومن ثم تقل رغبته في التجديد والإتقان والابتكار والإبداع، ويتحول الأمر بالنسبة له إلى عمل روتيني، يؤديه باعتباره الشخص المسؤول الذي يصعب أن يكون هناك من يخلفه في هذا المركز.
- إن عملية اختيار بعض القيادات الإدارية في الجامعات تحولت إلى مسألة غير واضحة، إذ لا يعرف المرء لم اختير الشخص الفلاني للمنصب في ظل وجود آخرين أكفاء وأكثر قدرة على الأداء، وعلى تقديم مايعطي الجامعة القيمة العلمية.
- تولد المناصب فهناك اعمال تسند الى أشخاص تحت مسميات ادارية مثل وكيل وأمين عام وأمين لجنة ومدير عام ومشرف عام ولا نلبث أن نجد لكل منصب منها تفرعات مثل وكيل مساعد لكذا ووكيل مساعد لمهمة أخرى وثالث ورابع وقد يتخطى العدد إلى أرقام أكثر وللأمين العام مساعدين ولأمين اللجنة نوابا وللمدير العام مثل ذلك ثم هناك المشرف العام ومدير مكتب المشرف العام ولا تسأل عن المستشارين ومساعديهم ولا عن السكرتارية ومدراء مكاتب المدراء كل هذا على حساب الباحثين ومساعديهم وغيرهم مما يستوجب التوسع الفعلي بحكم مهمة الجامعات .
- وفي كثير من الأحيان فإن للمعرفة والقرابة أحياناً أثرها في تقريب أشخاص وإبعاد آخرين عندما يكون المسؤول الأول غير قادر على فهم رسالة الجامعة المركزة على البحث العلمي والتدريس الابتكاري الإبداعي.
من المهم كما هو عليه جامعات العالم أن تكون هناك معايير علمية دقيقة لمن تسند لهم المناصب الأكاديمية في الجامعات، إذ لا يعقل أن يأتي إلى عمادة كلية أستاذ مبتدئ في ظل وجود أساتذة تمرسوا في العلم والإدارة، ومن الصعب قبول رئيس قسم ليس له إنتاج علمي ولا مشاركات في ظل وجود آخرين لهم سجل علمي حافل يبرز دراساتهم ومشاركاتهم العلمية في الندوات والمؤتمرات.
وليس مقبولاً أن يترأس الجامعة، أو يتولى وكالتها أشخاصاً لا يملكون تاريخاً علمياً يشفع لهم بأن يكونوا على رأس الهرم في جامعة محور مايجب أن تؤديه هو الاهتمام بالبحث العلمي، ورعاية المبدعين من الباحثين، والعناية بالشباب من أعضاء هيئة التدريس المميزين، وتقريب من يملكون معرفة دقيقة بإدارة التعليم العالي، وبمفهوم التعليم العالي بشكل دقيق.
لعل هذه المشاكل هي التي أدت إلى تدني الجامعات السعودية في التصانيف العالمية رغم ماوفرته الدولة من إمكانيات ممثلة في المباني والتجهيزات وتوفير أعضاء هيئة تدريس من الداخل والخارج، ولكن عدم القدرة على الإدارة الجامعية الصحيحة، وضعف الخبرة وضعف التكوين العلمي المنهجي، والاهتمام بالشكليات هو ما أدى إلى تأخر الجامعات في التصانيف العالمية.
مع الاعتراف بوجود بعض الجامعات السعودية في قائمة ألف جامعة على مستوى العالم منذ فترة طويلة، وقد كنا نطمح لهذه الجامعات أن تسير إلى مستويات أرفع لما توفره الدولة من دعم ومساندة غير محدودين.
إنها دعوة مخلصة لأن يعاد النظر في وضع الجامعات السعودية بالتركيز على اختيار الأكفاء والقادرين والمهتمين برسالة الجامعة، والعارفين بأهمية البحث العلمي بالدرجة الأولى في الجامعات.