د. محمد عبدالله العوين
في هذا الجزء من المقال والذي يليه تدوين لمن شرفت بالتتلمذ على أيديهم؛ وفاء لحقهم علي وتخليدا لأسمائهم وشكرا لهم على أن فتحوا لي ولغيري ممن جلس أمامهم في مقاعد الدرس في المراحل كافة دروب العلم والمعرفة.
المعلم يبذر البذرة ويتعهدها بالرعاية إلى أن تتبرعم ثم يوالي رعايتها غيره إلى أن تبسق، ثم يتابع معلم آخر إلى أن يكتمل نموها وتبدأ في منح الثمر اليانع ؛ فلكل أستاذ فضله، والتعليم بناء يشيد بعضه على بعضه إلى أن يتطاول ويزين ويكتمل ويكون مانحا معطيا.
أتذكر من أساتذتي الأجلاء مدير الابتدائية الأولى في مدينة حوطة بني تميم حين كانت في بيت طيني مستأجر الأستاذ عبد العزيز بن أحمد بن صقر الحقباني - رحمه الله - ثم أتى بعده الأستاذ عبد الرحمن بن عتيق - متعه الله بالصحة والعافية - بعد أن انتقلت إلى المبنى الجديد من الإسمنت والحديد على أحدث طراز في أواخر عهد الملك سعود - رحمه الله - وهو إداري حازم أدار المدرسة بحزم العسكر ولطف وشفقة الأب المربي.
ومنهم الأستاذ عبد الرحمن بن طلحة الذي كان يدرسنا المواد الدينية، ومحمد القصيمي وإبراهيم اليوسف آل محمود أمين المكتبة ومحمد المواش وغانم شافع من الأردن، وغيرهم.
وفي المعهد العلمي بقسميه المتوسط والثانوي أفدنا كثيرا من حزم وتوجيه مدير المعهد الأستاذ محمد بن حمد الشثري - أطال الله عمره - وتشرفت بالتتلمذ على الأستاذ سعد بن عبد العزيز بن كليب الذي كان يدرسنا مادة التوحيد، وقد أملى علينا مذكرة عميقة في الفرق والجماعات، وتميز بشخصيته القوية، ومحمد بن سعد الدبل الذي أهدى إلي كتب المنفلوطي في السنة الأولى المتوسطة حين رأى مني حبا للقراءة والاطلاع، وشخصية الدبل كانت تمثل روح الأديب حيث كان يشرف على النشاط الثقافي في المعهد ويتولى ترتيب الحفلات ووضع فقراتها واختيار مقدميها وتدريبهم على الإلقاء وكنت واحدا منهم وأفدت منه كثيرا، ودرسنا مادة (الإنشاء) وقد نالا شهادة الدكتوراه لاحقا، وحسن بن فايز الحقباني وخلف الحقباني من مدينة الأفلاج وكانا معنيين بالمواد الدينية. وحسين خطاب من الأردن في الجغرافيا، ومحمد العديني وعبد الله الضعيان ومحمد منصور عزمي في العلوم والرياضيات وكان ضخم الجسم فارع الطول، ومحمد سلومة عبد الرحيم في النحو، وتميز بخطه الجميل ودماثة خلقه وحسه الأدبي الرفيع وكلاهما مصريان، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن التويجري في التفسير، وهو فاقد للبصر؛ ولكنه حاد البصيرة، ولأنه كان جارا لنا كلفني بتسجيل تفسير الجلالين للسيوطي على أشرطة كاسيت، وقد أكملت له تسجيل الكتاب كاملا، والشيخ محمد الواصل شرح لنا كتاب «زاد المستقنع في اختصار المقنع» في الفقه للحجاوي ت 968هـ وكان يلزمنا بحفظ خمسة أسطر في كل حصة بعد أن يأمر رائد الفصل بمسح السبورة ثم يجمع يدي الطالب بين يديه ويجعل وجهه ناحية السبورة.. يتبع