كتب رئيس التحرير:
قليلاً ما يتحدث سمو أمير منطقة القصيم فيصل بن مشعل بن سعود للصحافة بحديث موسع، فقد اعتاد على العمل والإنجاز، لكنه مع زيارة الملك للمنطقة وفرحته بها، لم يكن أمامه إلا أن يستجيب لدعوة «الجزيرة» ليكون هذا اللقاء الشامل عن الزيارة الملكية، وهنا تحدث سموه عن مشاعر المواطنين في انتظارهم للملك، وهنا تحدث عن إنسانية الملك، واهتمامه بمواطنيه، وكانت الزيارة فرصة للأمير فيصل ليشير إلى بعض المشروعات المتوقّع تدشينها وافتتاحها، وتلك التي سيعلن عنها، وتحدث عن تجربته كأمير للمنطقة، وبماذا أوصاه الملك، وعن أهمية القصيم وتميزها صناعياً وزراعياً، وقال الكثير عنها، فإلى التفاصيل.
* كيف يرى سموكم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمنطقة القصيم؟
- لاشك أن كل متابع لسياسة هذه البلاد والنهج الذي تسير عليه يدرك أنها جزء من سياسة درجت عليها القيادة منذ أن تم توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-.. وزيارات أبنائه من بعده ملوك المملكة العربية السعودية لجميع أرجاء الوطن وتفقد احتياجات المواطن والوقوف عن قرب على إنجازات التنمية، واليوم يتواصل هذا الحب والود بزيارة كريمة يبدأها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- للمنطقة، والتي كنا نترقبها بشغف وشوق كبيرين منذ توليه -حفظه الله- قيادة هذه البلاد، إذ إن المملكة العربية السعودية في عهده -حفظه الله- شهدت قفزات تنموية عالية، وحققت منجزات وضعتها بجدارة واستحقاق في أعلى السلم التنموي، وذلك لم يكن ليأتي لولا القيادة الحكيمة التي تستوعب متغيرات العصر وضرورة المواكبة بخطط جديدة، ورؤية أكثر استشرافاً للمستقبل وقراءة لمتطلباته والعمل على تنفيذها بكل الحزم الذي يجعل شعبنا أكثر أمناً ورخاءً وازدهاراً، ومنطقة القصيم كواحدة من مناطق هذا الوطن المترامي الأطراف تزخر بمقومات طبيعية وبشرية كبيرة تكفي لأن تقود من خلالها تنمية شاملة ومستدامة، وتواصل مسيرة نهضة تنعكس على التنمية الوطنية بأكملها، فهي أرض تراث وتاريخ عريق يعمها الخير في باطنها وظاهرها.
* ما حجم تفاعل المواطنين في المنطقة مع الإعلان عن الزيارة الملكية؟ وكيف لمستم أثر هذه الزيارة في وجوههم وما عبروا خلال لقاءات سموكم بشريحة منهم؟
- بالتأكيد إن الجميع سعداء ويتشرفون بهذه الزيارة الكريمة التي تؤكد التلاحم بين القيادة والشعب الوفي، وتأتي امتداداً لتفقده -حفظه الله- أحوال أبناء شعبه في جميع مناطق المملكة، ولتلمس احتياجاتهم، ولا شك أن هذه الزيارة هي زيارة خير وبركة لهذه المنطقة؛ حيث سيصاحبها تفضله -حفظه الله- افتتاح عدد من مشروعات الخير والنماء التي ستعود على أبناء المنطقة بالخير العميم -إن شاء الله-، وما مظاهر الفرح الكبير الذي عم منطقة القصيم إلا تعبير عما يكنّه هذا الشعب لقائد مسيرتهم خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، وما تسابق الناس إلى المشاركة في الإعداد والتحضير والإسهام بالاحتفاء بهذا المقدم الميمون إلا لحرصهم على مبادلتهم لمليكهم المفدى حباً بحب ووفاءً بوفاء. فلقد عرف عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه القائد الذي يضع المواطن ورفاهيته من أولى أوليات حكومته الرشيدة؛ سعياً منه لتوفير الحياة الكريمة لشعبه، ونقول بكل ثقة واعتزاز أن مظاهر الاحتفال ومشاعر الفرحة الغامرة التي تعمّ كل أبناء منطقة القصيم اليوم بهذه الزيارة تمثل رسالةَ عرفان وتقدير لما حققه قائدنا ملك العطاء والحزم والعزم من إنجازات عظيمة وما تنتهجه حكومته الرشيدة من سياسات حكيمة، وما وصلت إليه المملكة من مكانة مرموقة، وإعلاناً شعبياً لتأييد سياسات وتوجهات حكومة خادم الحرمين الشريفين التي قادت إلى تحقيق هذه الإنجازات، كما أنها مناسبة لتجديد وترسيخ مشاعر الانتماء والتلاحم بين كل أبناء الوطن, واستشعار المسؤولية في الحفاظ على مكتسباته ومواصلة العطاء على طريق التطوير والتحديث.
* حظيت منطقة القصيم بمشروعات هائلة مثلها في ذلك مثل بقية مناطق المملكة.. ما تعليقكم على ذلك؟
- في ظل حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، «حفظه الله»، دخلت منطقة القصيم مرحلة جديدة، في عهد الرخاء والنماء، كما هي حقيقة مناطق ومحافظات المملكة كافة، حيث عزز «حفظه الله» من مقومات النماء والتطور لأرجاء المملكة كافة، وباتت منطقة القصيم تنعم بالكثير من محاضن مشروعات التنمية والتطور، وتضاعفت المقاصد النهضوية الاقتصادية والتجارية، التي يجد فيها التاجر والمستثمر كل الراحة والاطمئنان على ماله وتجارته، لتخلق أرضية جديدة جاذبة وحاضنة لكل مشروعات الاقتصاد والتجارة.
ونظراً للقيمة الاستراتيجية العالية لمنطقة القصيم، بحكم موقعها الجغرافي المتوسط للوطن، فإنها أصبحت إحدى أهم المناطق الاقتصادية، حيث تقع في منتصف المنطقة الوسطى، ولقربها من العاصمة الرياض، وباعتبارها إحدى مناطق الجذب وفك الخناق عن مدينة الرياض، أصبحت بتلك الميزة مقصداً لرأس المال الاستثماري، وأضحت مرتعاً خصباً للمكاسب التجارية المشروعة.
وعلى ذلك، تسابق رجال الأعمال نحو تجهيز تلك المنطقة، وجعلها على استعداد دائم لاستقبال أي محفل تجاريٍّ أو اقتصاديٍّ أو سياحيٍّ. ووجّه عدد من المستثمرين بوصلة أموالهم نحو تحقيق الهدف المنشود في تعزيز الاقتصادي الوطني، ودعم مقومات الاستثمار الحقيقي في أرض الوطن.
وفي ظل هذه الزيارة الميمونة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- للمنطقة، هناك العديد من المبشرات الكبيرة لمواطني منطقة القصيم، والتي سيتحقق فيها تدشين عدد كبير من المشروعات الخدمية كلها تلامس حاجات المواطنين من مشروعات في المجالات كافة في الصحة والطرق والتعليم والبلديات وغيرها من المشروعات التي تمس حياة المواطن وتحقق له أمنه ورفاهيته.
* منطقة القصيم سلة غذاء تمد مناطق المملكة بالتمور والخضراوات والفواكه، خاصة مهرجانها للتمور، والذي يعتبر الأضخم على مستوى المملكة، تطوير هذا المنتج وتسويقه عالمياً.. هل سيكون ضمن حديثكم مع الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؟
- من المعروف أن التمور تُعتبر من الركائز التي تستشرفها المملكة وتسعى إلى تعزيزها لتكون رافداً اقتصادياً وزراعياً خلال الأعوام القليلة المقبلة، وأن النخلة تخدم الأمن الغذائي للمملكة، وهي من مخرجات حكومتنا الرشيدة التي قامت بدعم المزارعين منذ عشرات السنين، وطبقاً لإحصاءات وزارة الزراعة، فإن منطقة القصيم تنتج ثلث إنتاج المملكة من التمور بمختلف أنواعها، خاصة الفاخرة، يأتي ذلك في إطار ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- اهتمامها البالغ بزراعة النخيل، حيث سخرت لها الكثير من الإمكانات لدعمها وتنمية زراعتها وتطوير أساليب تسويقها من خلال القروض الميسرة، وكذلك من خلال الدعم المعرفي وإرشاد ومكافحة الآفات.
وتحتضن القصيم سنوياً مهرجان التمور الذي يعد الأضخم إنتاجاً والأكبر من حيث قوة الشراء؛ حيث تتوافد إليه جموع المواطنين من أرجاء المملكة كافة، والدول المجاورة، ويستقبل هذا المهرجان قرابة 200 ألف طن نتيجة جني أكثر من ثمانية ملايين نخلة لأصناف تزيد على 45 منتجاً من مختلف أنواع التمور, بمبيعات تصل إلى قرابة ثلاثة مليارات ريال.
وكما هو معروف أن المنطقة تحتضن أكبر سوق للتمور بالعالم، وهو من مفاخر الوطن، لِما لمُنتَج التمور من أهمية في قيمته الاقتصادية والغذائية، والذي هو محل اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، والذي يوليه العناية والاهتمام حتى أصبح من أهداف رؤية المملكة 2030، ليكون من المرتكزات المهمة للاقتصاد الوطني ورافداً اقتصادياً مُهمَّاً من روافد الاقتصاد الزراعي، والذي يُعد من أهم المهرجانات ليس على مستوى المملكة فحسب بل على مستوى العالم، وقد حصل هذا المهرجان على جائزة التميز السياحي كأفضل موقع سياحي لعام 2015، وهو ما يدفعنا للعمل على تطويره، ليواكب المرحلة, وفي الحقيقة أننا غير راضين تمام الرضاء عن هذا المهرجان، حيث ما زال يحتاج إلى الكثير من الجهد ليحقق الريادة العالمية, فالتسويق مثلاً يحتاج إلى مهنية عالية قد تكون التعبئة والتغليف جزءًا منها, وكذلك الاستفادة من المنصات التسويقية العالمية لهذا المنتج العالمي.
أيضاً السوق ما زال بكراً في الصناعات التحويلية للتمور, وكما هو معلوم أن الصناعات التحويلية لكثير من المنتجات الزراعية تكون أحياناً أكثر جدوى اقتصادية من المنتج نفسه.
* من يزُر منطقة القصيم محافظة محافظة يجد أنها بلغت من التطور والتقدم ما تضاهي به أفضل المدن في الخدمات والشكل الحضاري داخل المملكة وخارجها.. كيف هو استعدادكم للخطوات التي تتماشي مع رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020؟ وهل الزيارة الملكية فرصة لوضع الملك سلمان على ما لديكم من أفكار وتطورات في ضوء تعليماته لكم لتقديم أفضل خدمة للمواطنين؟
- نعم لقد حظيت منطقة القصيم كغيرها من مناطق المملكة بعناية القيادة الرشيدة في توفير مقومات التنمية والبنية التحتية التي ترتقي بها إنتاجياً، وأسهم موقعها الجغرافي وقيمتها التاريخية في أن تكون محوراً تنموياً مؤثراً في الخريطة التنموية بالمملكة، حيث تم توظيف قدراتها الطبيعية والتراثية لتصبح موقع إنتاج فاعلاً ومؤثراً في الإنتاج الوطني.
طوال تاريخ المملكة منذ التأسيس وحتى اليوم، والمنطقة ذات حضور تنموي فاعل يحظى بالدعم والرعاية من قبل القيادة، وفي جميع العهود الزاهرة تم تنفيذ مشروعات نوعية وكمية في المجالات المختلفة بما يلبّي تطلعات سكانها في الحصول على مشروعات ذات قيمة نوعية تدعم التطور والنهضة فيها.
ومنطقة القصيم تتميز بموقع استراتيجي حيوي وسط المملكة يؤهلها لأن تكون حلقة وصل بين جميع المناطق، والامتداد إلى دول الجوار، خاصة أنها منطقة إنتاجية متميزة في المجال الزراعي، إلى جانب مواردها الطبيعية من المياه الجوفية والمعادن.
وهناك كثير من القطاعات التنموية التي تنشط في المنطقة وتعزز دورها الحضاري والتاريخي في مسيرة المملكة، وفي مقدمة تلك القطاعات الزراعة والصناعة التي تشكِّل ما نسبته 13 % من الناتج المحلي للمنطقة، وقد اشتهرت بإنتاجها لأفضل أنواع التمور ما جعل الهيئة العامة للاستثمار سابقاً، تعمل على جعلها عاصمة عالمية للتمور، إضافة إلى تطوير أدوات سوق العمل المحلي بزيادة التوظيف في القطاعات التي تستوعب وتناسب القدرات الشابة الوطنية، خاصة في قطاعات مثل السياحة والتجارة.
لقد وضع سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسنده سمو وليِّ عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان «حَفِظَهما الله» اللبنات الأساسية لمواكبة تحديات المستقبل من خلال طرح رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني، وفي كليهما تعظيمٌ للقيمة الوطنية وتوظيف موارد الدولة بحسب التطور العالميِّ باعتبارنا جزءاً من هذا العالم الذي نؤثر فيه ونتأثر به، فالرؤية تبدأ بمجتمع حيويِّ وتنتهي بوطن طموح وبينهما اقتصاد مزدهر، يتحقق من خلال الحيوية الاجتماعية التي ترتفع بالوعي وتطور القدرات، وتجعل أبناء الوطن أكثر استجابةً وتفاعلاً مع التحديات.
تلك الرؤية برنامج عمل واسع للدولة بجميع مؤسساتها وأجهزتها التنفيذية والتنظيمية والإدارية، وبجانبهم مواطن وموارد بشرية أمامها الكثير لتنجزه من أجل الارتقاء بالوطن ووضعه في المقام التنمويِّ والحضاريِّ الذي يليق به ويتوافق مع تطلعات القيادة الرشيدة التي استثمرت في العقول من أجل عملية البناء والنماء، إذ لطالما كان ولا يزال الإنسان السعودي في مقدمة اهتمامات وأولويات قيادتنا، لذلك فإنَّ كل ما تم من تخطيط وإعادة هيكلة تتناسب مع مجريات ومتغيرات المستقبل، إنَّما يقودنا إلى المواطن السعوديِّ الذي ينجز ويحقق أهدافه التي تخدم المجتمع والوطن.
وكما عرف عن المنطقة عراقتها في التعليم والزراعة والتجارة، فإن نشاطها الاقتصادي من الأهمية بما يجعلها رائدةً ومتقدمةً، في تحقيق هذا الرؤية المستقبلية والطموحة للوطن، فالقصيم لديها القاعدة والمرجعية التي تُعزِّز دورها الاقتصادي، ومن خلال قطاعها الخاص يمكنها أن تمضي قُدُماً في تنشيط العديد من الاستثمارات، حيث تمتلك القصيم قاعدة زراعية وصناعية صلبة يمكنها أن تُوفر الأساس للكثير من المؤسسات المزدهرة.
وفي الوقت ذاته، يمكن للمستثمرين تغيير الملامح الاقتصادية للقصيم، من خلال استغلال الفرص في قطاعات السياحة والرعاية الصحية والأدوية والبيع بالتجزئة، من بين العديد من الصناعات الأخرى.
ولاشك أنه من المهم جداً توظيف تلك الموارد بصورة علمية ومنهجية حتى تثمر وتزدهر وتؤسس لواقع تنموي يضع القصيم في مستوى الطموح لمنطقة إنتاجية متعددة الفرص الاستثمارية، وذلك ما نسعى لتوظيفه بدءًا من تطوير الموارد البشرية بالتركيز على إنسان المنطقة فهو الذي يطلق طاقته الإنتاجية ويسهم ويشارك في تطوير أي خطط لنمو وتنمية منطقته، لذلك نعتمد بشكل أساسي على مواطني وشباب المنطقة في مختلف المجالات للنهوض بمنطقتهم، ومن خلال الفعاليات العلمية من مؤتمرات وورش عمل وندوات يمكن استكشاف كثير من الطرق التي تجعلنا نمضي في مسيرتنا لتطوير ونماء القصيم والوصول بها إلى كل ما يحقق رفاهية المواطن.
* سمو الأمير.. كيف يمكن توظيف التعليم لخدمة النهضة في منطقة القصيم؟
- لا شك في أن كل نهضة تتأسس على قواعد علمية وتعليمية لذلك فإن جهودنا تنطلق من هذا المحور المهم، بالعناية بالعملية التعليمية سواء على مستوى التعليم العام أو العالي، من خلال حرصنا على توفير أفضل البيئات التعليمية وتهيئة المدارس بجميع نظمها لتعليم أجيال المنطقة، فضلاً عن ذلك فإن جامعة القصيم تعتبر تعبيراً مثالياً عن الغاية العلمية في المنطقة، حيث يتم استيعاب أبناء المنطقة لتكتمل الدورة التعليمية والعلمية داخل منطقتهم، مع الاهتمام بنظام الابتعاث وفقاً لمعايير التعليم العالي، فالمحصلة في هذه الحالة للوطن بأسره وليس لمنطقة القصيم وحسب، ولكن جهودنا تركز على حصول أبناء المنطقة على كل الجرعات التعليمية والعلمية التي تجعلهم أكثر كفاءة وقدرات لقيادة مسيرة التنمية والعمل فيها بأفق علمي واسع، لأن المستقبل يتطلب تطوير وبناء الذات، وحين يحدث ذلك فإنه ينعكس إيجاباً على المنطقة ووطننا، ويعمل على تحقيق قيمة مضافة نوعية وكمية لصالح التنمية، ولقد تطور التعليم العالي في منطقة القصيم بما يتوافق مع القاعدة العلمية والتعليمية التاريخية للمنطقة وإنسانها، ولذلك فإنه وفقاً لمقتضيات تطور العلوم والمناهج الحديثة، ارتقت القصيم في التعليم العالي تبعاً لتوسعها التعليمي ومراعاة لمقتضيات الكثافة السكانية، فنشأت جامعة القصيم وعدد مقدر من الكُليّات الجامعية والمعاهد وكذلك الكليات الأهلية, التي تستوعب الطلاب من خريجي التعليم العام بحسب رغباتهم ومهاراتهم.
التوطين.. كنتم رواد هذه التجربة التي لا شك أنها نابعة من حرصكم المعروف على شباب وشابات الوطن, كيف تقيمون هذه التجربة سمو الأمير؟
- برنامج التوطين في القصيم سبقه في الحقيقة تهيئة نعتبرها مميزة, فقبل عشر سنوات تقريباً كانت انطلاقة جائزة الشاب العصامي التي أوجدت بعض رجال الأعمال الشباب الآن هم من الفائزين بها, وكذلك برنامج التنسيق الوظيفي, تلا ذلك إنشاء مجالس للشباب وللفتيات على مستوى محافظات المنطقة, وهذه المجالس ساهمت بشكل فاعل في تهيئة الشباب لسوق العمل, لذا لما أطلقنا التوطين كنا واثقين -بإذن الله- من نجاحه, وقد تحقق هذا النجاح -بفضل الله-, وتم توظيف آلاف الشباب والشابات, وبهذه المناسبة أحب أن أؤكد أن شبابنا وفتياتنا على قدر التحدي، وقد لمسنا ذلك في منطقة القصيم سواء من خلال انخراطهم في سوق العمل وإثباتهم تفوقاً ملموساً, أو من خلال الأعمال التطوعية التي نفتخر في منطقة القصيم بتجربتنا الرائدة من خلال إنشاء رابطة المتطوعين التي انضوى تحتها شباب وشابات هم فخر الوطن, ولعل مما تتميز بها منطقة القصيم أن شبابها وفتياتها يملكون إرادة التحدي, ولذا نجحوا وتميزوا, ويوم قلنا في إحدى المناسبات إن على شبابنا نسف ثقافة العيب, كانت النتيجة فورية والتجاوب مباشر, فقابلنا بعد فترة وجيزة شباب في مهن مختلفة أكدوا أن نجاحهم بدأ يوم نسفوا ثقافة العيب.
* كان من بين آخر وأهم المشروعات التي حظيت بها منطقة القصيم وصول القطار (سار) إلى منطقة القصيم، وتوقفه في محطة بها، قادماً من الرياض في طريقه إلى مناطق أخرى، هل يمكن اعتبار هذا هدية الملك سلمان لمواطني القصيم ضمن هدايا أخرى كثيرة؟
- كما تفضلت فإن هدايا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمواطنيه كثيرة, فيكفي أن المملكة العربية السعودية في عهده قد حققت أرقاماً اقتصادية عالية وقفزات نوعية في مستوى المشروعات الاقتصادية العملاقة.
وجاء الخط الحديدي لشركة الخطوط الحديدية السعودية (سار) كواحد من تلك المشروعات العملاقة التي تناهز أكبر مشروعات النقل الحديدي في العالم لرفع جودة الحياة في المدن التي يمر خلالها، والقصيم واحدة من تلك المدن التي يمر بها هذا الخط العملاق، إذ يشكل محركاً اقتصادياً مهماً لدعم قيام استثمارات خارج المدن الرئيسة لأنشطة تجارية وصناعية متنوعة، إضافة إلى توفير وسيلة آمنة ومريحة لنقل الركاب من المناطق وإليها، حيث يعمل قطار الشمال على دعم توجه الدولة في تنمية المدن الصغيرة والمتوسطة من خلال نقل عدد من النشاطات الصناعية خارج المدن الرئيسة، وذلك لإيجاد تنمية متوازنة بما يضمن تخفيف العبء على المدن الرئيسة.
كما يدعم مشروع القطار تحقيق أحد أهداف رؤية 2030 المتمثل في تحقيق تصنيف متميز لثلاث مدن سعودية، لتكون بين أفضل مئة مدينة في العالم.
* تتعرض المملكة لهجوم معادٍ من جهات متعددة، هذه الزيارة فرصة ليعرف العدو كم أن هذا الشعب محب وملتصق وداعم ومساند لقيادته ونظامه.. ما تعليق سموكم؟
- كل العالم يدرك إدراكاً جيداً أن المملكة العربية السعودية تمثل عمقاً استراتيجياً للعالم العربي والإسلامي، ورقماً يصعب على المعادلة العالمية تجاوزه، ومثلاً يُضرَبُ في الاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي، والرقي العلمي والاجتماعي.
فمنذ تأسيس هذا الكيان الشامخ والبناء المتكامل والصرح القوي، المملكة العربية السعودية وهي عنوان كبير من النماء والعطاء والبناء، وكل مترادفات النهضة والتنمية الشاملة والمستدامة، فهي مسيرة متصلة وإستراتيجية يحمل لواءها أبناء الملك عبدالعزيز «طيَّب اللهُ ثَراه»، ومن خلفهم مواطنون قلوبهم عامرة بحُبِّهم، ليكتبوا تلك الملحمة العبقرية التي قدَّمت للعالم أعز الأوطان وأشرفها في أبهى صور النمو والازدهار.
إنَّ فرحة أبناء القصيم بهذه الزيارة التاريخية المجيدة وحرصهم على التعبير عنها بكل ما تراه الآن كل وسائل الإعلام من فرح وسرور والتفاف حول الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-؛ تجسد المعنى الحقيقي للمواطنة الحقَّة، وتبعث رسالةً للعالم أجمع بأنَّ كل أبناء الشعب السعودي في حالة وحدة والتفاف حول قيادة بلادهم من أجل بناء المستقبل، وبأننا نقف صفاً واحداً أمام كل من يريدنا في أمن بلادنا أو ينال من رموزنا وولاة أمرنا.
والمواطَنة الصادقة لا تهزها المؤامرات الخارجية ولا الهجوم المعادي من أي جهة كانت، فهي انتماء داخلي يجعل المواطِن يعمل بكل إخلاص للدفاع عن وطنه والمحافظة على أمنه ومكتسباته، وحماية حدوده وقيمه ومقدساته والمحافظة على ثرواته، والاعتزاز بالرموز الوطنية, لكن في الحقيقة إعلامنا لا يواكب المرحلة التي صار الإعلام فيها احترافياً بما تعنيه الكلمة لا عاطفي, ولذا فمن وجهة نظري أن ما تتعرض له المملكة من حملات ظالمة لم يواكبها إعلامنا بمهنية عالية, بل تعامل مع الكثير منها بالعاطفة, والعاطفة لا يمكن أن تصنع إعلاماً مؤثراً, لذا فإننا في حاجة ماسة لإعادة النظر في تعاطينا الإعلامي مع الأحداث, خاصة مع من يتعرض لبلادنا.
* يلاحظ أن سموكم لا يدير المنطقة من مكتبكم من مقر الإمارة فقط وإنما تباشرون العمل ميدانياً في زيارات متكررة لمراكز وقرى ومحافظات المنطقة، وترعون نشاطاتهم.. هل هذه مبادرة من سموكم أم بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين؟
- لقد حمّلني سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة لخدمة مواطني هذه المنطقة، وبذل ما أستطيع من جهد لإكمال مسيرة النماء والخير وكل ما ينفع المنطقة ويجعلها في مصاف المناطق الغالية والمتقدمة في سلسلة العقد الفريد في مملكتنا الغالية أعزها الله بالإسلام، ولاشك فتلك أمانة كبيرة ومسؤولية عظيمة التي كُلفنا بها عند أدائنا للقسم أمام سيدي خادم الحرمين الشريفين، ولأننا نتلقى توجيهاتنا من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بالعمل الدائم ومواصلة تقديم كل ما يخدم أبناء هذه المنطقة, لذلك فإن مثل هذه الزيارات الميدانية للمشروعات القائمة دافع كبير للمسؤولين نحو مضاعفة الجهود لخدمة أبناء هذه البلاد.
ولأن الكمال لوجه الله تعالى، ولا يدعي الكمال إلا ناقص، ولكن التوكل على الله ثم النية الصادقة هو -بإذن الله- منهجي الذي تعوّدت عليه في حياتي في بذل ما أستطيع لتحقيق طموحات المواطنين، فأنا لم أتعود إطلاق الوعود الخيالية، ولأنني وعدت مواطني هذه المنطقة عندما كلفت أميرًا لها وعدًا قاطعًا بأن أواصل الليل بالنهار لتطوير المنطقة وخدمة مواطنيها ومواطناتها، والأفعال قبل الأقوال وهي التي ستتحدث عن نفسها بما يرضي الله أولاً، ثم ما أوصاني به سيدي خادم الحرمين الشريفين بما يحقق تطلعات مواطني منطقة القصيم.
ولا يسعني إلا أن أسأل الله أن يجعلني خيرًا مما يظنون، وأن يغفر لي ما لا يعلمون، وأن يرني الحق حقًا ويرزقني اتباعه ويرني الباطل باطلاً ويرزقني اجتنابه، وأن يصلح بطانتي.
* سمو الأمير.. هناك ثلاثة مشروعات تعد إستراتيجية وحيوية وتنموية ليس على مستوى منطقة القصيم وحسب وإنما على مستوى الوطن وهي توسعة مطار الأمير نايف واستكمال طريق القصيم مكة المكرمة وقطار القصيم المدينة المنورة.. ما الجديد المبشر في تلك المشروعات؟
- مطار الأمير نايف بن عبدالعزيز قفز خلال السنوات الثلاث الماضية قفزات كبيرة, مما أوجب العمل على توسعته من أجل أن يكون قادراً على أداء دوره على أكمل وجه.
ومن أجل أن يكون قادراً على استقبال ثلاثة ملايين مسافر سنوياً ضمن الرحلات الداخلية والدولية، بما يمكن المطار من مواكبة عجلة التطور بمنطقة القصيم بشكل خاص، والإسهام في النهضة التي تشهدها المملكة بشكل عام, كان مشروع التوسعة الذي يضم عناصر متعددة من بينها إنشاء مبنى الصالات الرئيسية بمساحة 60 ألف متر مربع، وصالة كبار الزوار بمساحة 3.500 متر مربع، ومسجد المطار بمساحة 1.600 متر مربع، أما مبنى إدارة المطار فسيقوم على مساحة 2.800 متر مربع، وتم تصميمه ليراعي المتطلبات التشغيلية ويستوعب إدارات المطار كافة، علاوة على تزويده بغرفة اجتماعات كبيرة، وقد تم تصميم جميع مرافق وخدمات المطار بما يمكن من مواجهة ارتفاع الطلب في المستقبل وتنفيذ الخطط المستقبلية للمشروع.
ولاشك أن رفع تصنيف المطار ليكون دولياً، يساهم في إضافة نوعية تنموية لمنطقة القصيم، مما ينعكس تدريجياً على الشحن والتصدير لخارج المملكة والدول العالمية، ونبشر أهالي المنطقة بسماع أخبار سارة عن هذا التوسعة المهمة والضرورية لهذا المرفق التنموي المهم.
أما عن ربط القصيم بقطار الحرمين فأقول إننا الآن أمام مشروع عملاق وهو كما أسلفت تسيير قطار الشمال، والذي يعتبر جزءًا من الخطة الاستراتيجية للخطوط الحديدية في الفترة من 2010- 2040 هو وضع رؤية مستقبلية واضحة ومتكاملة لما يجب أن تكون عليه شبكة الخطوط الحديدية في الفترة المقبلة والسبل الكفيلة بتطويرها وتحسين أدائها وتعزيز الدور المناط بها في خدمة الاقتصاد الوطني، وكذلك أن يكون هناك إطار محدد لتحقيق التنمية مستقبلاً وعلى المدى الطويل لقطارات الركاب وقطارات الشحن في المملكة، وهذا سيعمل على رفع جودة الحياة في المدن التي يمر من خلالها، إذ سيشكل محركاً اقتصادياً مهماً لدعم قيام استثمارات خارج المدن الرئيسة لأنشطة تجارية وصناعية متنوعة، إضافة إلى توفير وسيلة آمنة ومريحة لنقل الركاب من المناطق وإليها، وكذلك سيعمل على دعم توجه الدولة في تنمية المدن الصغيرة والمتوسطة من خلال نقل عدد من النشاطات الصناعية خارج المدن الرئيسة, ولا شك أن إكمال هذه المنظومة بربط قطار الحرمين بقطار الشمال ليصل إلى مناطق المملكة الثلاث الغربية والشرقية والشمالية مروراً بالوسطى، لا شك أنه في غاية الأهمية, ونحن لم نغفل عن ذلك, وأؤكد للجميع أن مثل هذا المشروع يحظى بعناية خاصة من قبل سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين -حفظهما الله-، وستسمعون -بإذن الله- ما يسركم في هذا لهذا المشروع.
أما بالنسبة لطريق القصيم مكة المكرمة الذي يبلغ طوله 630 كلم، فالعمل جارٍ على إنهاء مرحلة تبلغ قرابة 200 كيلو، وهي شبه منتهية, ولعل الأيام المقبلة تحمل تباشير مراحله الأخرى, ولا شك أنه محل اهتمام سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهد الأمين -حفظهما الله-.
* سؤالنا الأخير سمو الأمير.. ماذا تختزن ذاكرتكم عن الملك سلمان بن عبدالعزيز؟
- الحقيقة أن سيدي الملك سلمان يُعد من القلائل الذين يملكون علاقات اجتماعية مميزة, امتدت لعشرات السنين, حافظ عليها بتواصله مع كل من ربطته به علاقة، سواء كان عملاً أو صداقة, فهو كما نشاهد، كثيراً ما يزور مريضاً في مستشفى أو كبيراً في منزله, ويكرر الزيارات مرات ومرات على الرغم من مشاغله وارتباطاته المهمة, وهو -حفظه الله- قريب جداً من أبنائه وأحفاده يلتقيهم بشكل شبه يومي, ويسأل عنهم في حال سفره، هاتفياً، موجهاً وناصحاً، فهو مثال للأب المستشعر مسؤوليته, ومن الأشياء التي ربما لا يعرفها الكثير أن الملك سلمان -حفظه الله- من المداومين على قراءة القرآن الكريم يومياً، حيث له ورد محدد بجزء كل يوم، مما يعني ختمه للقرآن مرة كل شهر, وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
كما أني لا أذيع سراً عندما أذكر خصلة مهمة في سيدي الملك سلمان -حفظه الله-، وهي الوفاء مع إخوانه الملوك -رحمهم الله- أو الأمراء وملازمتهم في مرضهم، وكذلك أخواته، وحرصه على صلته الرحم، وإنني أعرف أنه عندما كان أميراً للرياض كان يشارك في الصلاة على العلماء والوجهاء والمواطنين، ويشارك في دفنهم، ويحرص على مواساة ذويهم شخصياً أو هاتفياً, يعرف هذا جميع مرافقيه، وكل من له صلة به يعرف هذه الخصلة الحميدة لسيدي خادم الحرمين الشريفين, كذلك زياراته للعلماء في منازلهم مهنئاً بالعيد, كما أن كبار السن يحظون بزياراته -حفظه الله- في منازلهم, ولو سألت مستشفيات الرياض لأخبروك عن برنامج أسبوعي لسيدي الملك سلمان يقوم فيه بزيارة المرضى المنومين.
كما أنني أجدها مناسبة للتأكيد على وفائه -حفظه الله- بتوجيهها لمسؤولين بدعوة أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولين المتقاعدين لحضور جميع جلساته في كل منطقة يحل بها, وهذا لعمري هو الوفاء بعينه من مليك تشرّب الوفاء طبعاً مع كل من عرفهم, ولا أنسى عناية سيدي الملك سلمان بالعلم داعماً ومشجعاً كل من سلك هذا الدرب, أتذكر أيام تحضيري للماجستير، زرته في إمارة منطقة الرياض وقابلته وذكر لي معلومات استفدت منها في رسالتي، وأذكر أنه -حفظه الله- عمم استبانة لرسالتي على منسوبي الإمارة كافة, وتوّج ذلك بأن كتب تقديماً لرسالتي (المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في المملكة العربية السعودية) بعد أن قمنا بتحويلها لكتاب.
أسأل الله -عز وجل- أن يمتعنا بحياته ويحفظه ويديم عليه الصحة والعافية, ويعز الإسلام به ويعزه بالإسلام, وأن يجعله موفقاً ومسدداً لكل خير.