منذ تولى الملك فيصل بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية يوم الاثنين 27/ 6/ 1384هـ وهو حريص على متابعة منطقة القصيم وتفقد أحوالها وتلمس احتياجاتها من خلال إرسال المسؤولين لمتابعتها، كما أصدر أوامره لتنفيذ المشروعات التنموية المتعددة بالمنطقة من ذلك ما أشار إليه عدد من أعيان بريدة أنه في عام 1388هـ هطلت على بريدة أمطار متواصلة تعطلت بسببها الحركة وفاضت الشوارع والتقى المخزون بالأرض بالماء النازل فاجتمع أعيان ووجهاء بريدة لمقابلة الملك فيصل بالرياض ودخلوا عليه بقصر الحكم في الناصرية فأجلسهم عن يمينه وشماله وشرحوا له الأمر وأن بريدة تعاني مشكلة ارتفاع منسوب المياه مما أصبح خطراً يهدد البيوت ويطلبون من جلالته إيجاد الحلول السريعة لهذه المشكلة فقال الملك فيصل: أين تريدون تصريف المياه وإلى أي جهة لأني أعرف بريدة جيداً عند مجيئنا مع الوالد الملك عبدالعزيز - رحمه الله- لماذا لا تتركون الماء يذهب للخبوب؟ فقال الوجيه عبدالله المشيقح: الخبوب مرتفعة فقال الملك فيصل: أقصد الخبوب الشرقية وهذا يدل على معرفة جلالة الملك بطبوغرافية مدينة بريدة فقال الملك: سوف نشكل لجنة بهذا الموضوع فقال الأعيان: يموت الحبيب قبل مجيء الطبيب فأصدر الملك أمراً بسرعة تنفيذ المشروع، حيث قامت وزارة الزراعة والمياه بتوقيع اتفاقية مع شركة توماس البريطانية بمبلغ إجمالي قدره مليون وستمائة ألف ريال لتنفيذ مشروع الصرف وقد استغرق تنفيذ المشروع أربعة عشر شهراً كما تم دفع مبالغ لأصحاب العقارات التي نزعت ملكيتها.
كان الملك فيصل يعرف الكثير عن القصيم وحريص على زيارتها وكان يتابعها أول بأول حتى أعلن أنه سيقوم بزيارة القصيم في 9/ 1/ 1393هـ وقد أمر جلالته قبل قدومه بإنشاء عدد من المشاريع في القصيم منها توسعة وأرصفة شوارع بريدة شارع الصناعة إلى جهة الشرق حتى يتصل بشارع الخبيب وشارع المياه الممتد من شمال المدينة إلى جنوبها مخترقًا حارة العجيبة مارًا بالشقيري ثم إلى الشرق مارًا بربيشة كما أمر بمعالجة المياه وقد وجه بإصلاحات متعددة في مدينة عنيزة والبكيرية والرس والخبراء وغيرها، حيث رصد أكثر من سبعة مليون ريال لزفلتة 28 شارعاً وقبل قدومه إلى القصيم أمر بترسية مشروع طريق بريدة الرياض والذي تم ترسيته على شركة الربيعة والنصار، كما اهتم الملك فيصل رحمة الله بالخط الذي يربط بين بريدة وحائل.
وفي 9-1-1393هـ قدم الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى القصيم لتفقدها والاطمئنان على تلك المشروعات المتعددة، حيث استعدت المنطقة بوقت مبكر لاستقبال عاهلها الملك فيصل بن عبدالعزيز وعملت له الأقواس الترحيبية في كل مكان بالمنطقة وشارك أبناء الجاليات العربية بعمل الأقواس واللوحات الترحيبية وأصبحت كافة مدن وقرى المنطقة لا يعرف ليلها من نهارها من كثرة الإنارة والحركة من الأهالي والمقيمين الذين توافدوا للترحيب بمليكهم معبرين عن صدق مشاعرهم وإخلاصهم لولاة أمرهم ومبتهجين بمقدمه الميمون.
كما خرج أبناء المدارس من كافة مدن القصيم فاصطفوا صفين على ضفتي شوارع المدينة معلنين فرحتهم وسعادتهم بقدوم الفيصل وفي قصر الفايزية في مدينة بريدة أقام أمير منطقة القصيم فهد بن محمد الذي حفل عشاء بهذه المناسبة التي دعي إليها الأعيان وعدد كبير من أهالي المنطقة كما أعد أهالي منطقة القصيم مخيم بالمليداء وأعدوا حفلاً خطابياً كبيراً وقد ألقى كلمة الأهالي نيابة عنهم الشيخ محمد بن عثمان البشر التي قوبلت بالشكر والتقدير من جلالة الملك.
وكانت هذه الزيارة متزامنة مع موسم الربيع فكان مخيمه بالمليداء أشبه ما يكون بمخيمات منى من كثرة الخيام والرجال وأثناء إقامته بمنطقة القصيم قام بزيارة رئيس محاكمها فضيلة الشيخ صالح الخريصي بمنزله وبحضور وجهاء المنطقة، وقد عبَّر جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز عن سعادته لوجوده بين أبناء منطقة القصيم وشكرهم على مشاعرهم ومحبتهم وحسن استقبالهم.