يوسف المحيميد
في مهرجان مسك الفنون في درة الرياض، والذي انتهت فعالياته يوم السبت الماضي، يثبت كل مرة أن لديه الجديد في عالم الفن المعاصر، خاصة في وطن يزخر بالفنانين التشكيليين والنحّاتين والخطّاطين وغيرهم، ولعل من أجمل ما شاهدت هذا العام، فكرة حوار الأجيال، والاحتفاء بمعهد التربية الفنية الذي أنتج عددًا مهمًّا من الفنانين السعوديين المؤثِّرين، وقدَّم لكل منهم لوحتين، واحدة في البدايات أثناء الدراسة بالمعهد، وأخرى في المرحلة الحالية، بالإضافة إلى الحوارات اليومية التي تجري على منصة حوار الأجيال، فهي حوار بين الأجيال من جهة، وحوار للفنان ذاته بين مرحلتين يفصل بينهما عقدان أو ثلاثة من السنوات.
ومن أهم عناصر نجاح مسك الفنون لهذا العام، إقامة سمبوزيوم دولي، شارك فيه نحّاتون من دول مختلفة، وضم نحو عشرين منحوتة فنية، أنجزها هؤلاء النحاتون في الموقع ذاته، وبالطبع تباينت قيمة الأعمال وجودتها، لكن هذا التجمع كان لافتاً ومميزاً، وإن كان يستحق أن يستضاف فيه نحاتون عالميون أكثر شهرة وقيمة، وخصوصاً أنه تم تقديمه كسمبوزيوم دولي.
أما اللوحة فكان نصيبها ضعيفًا مقارنة بالمنحوتات، فلماذا تم الاكتفاء بالجاليري السعودي الذي لم يكن في مستوى الطموح؟ ولماذا لم ينطبق على اللوحة ما انطبق على المنحوتة، من حيث فتح الفرصة لجاليريات عالمية، تشارك بأسماء فنانين تشكيليين عالميين معاصرين، وذلك لمنح الفنان السعودي والمتذوّق فرصة التعرّف على أسماء فنية جديدة، والتعرّف على آخر ما وصلت له اللوحة من إبداع على المستوى العالمي، لماذا لا توجه الدعوة لهذه الصالات العالمية للحضور ولو بشكل شرفي؟ لماذا لا تتم دعوة المقتنين من العالم؟ وكذلك منظمو المزادات العالمية؟ نحن بحاجة إلى أن نقفز سريعًا، نبني على ما قدّمته بعض المدن المنفتحة على العالم، وتصبح الرياض عاصمة الفن العالمي.
أخيرًا، لماذا لا يتم تطوير أركان الفنانين المبتدئين في شارع الفن؟ لماذا لا تنظّم المشاركة لهؤلاء بدلاً من تأجيرهم أركاناً صغيرة تضم أعمالاً متواضعة، لماذا لا تُجرى مسابقة بين هؤلاء للوصول إلى أكثرهم موهبة، وتقديم عمله بشكل لائق، بدلاً من نسيانهم على هامش المهرجان، لا يزورهم في شارعهم سوى أهاليهم وأصدقاؤهم. إنها ملاحظات سريعة عن إنجاز يستحق الاحتفاء وأكثر، لكننا نطمع في المزيد من النجاح.