ثامر بن فهد السعيد
بدأت أمس العقوبات على النظام الإيراني ودخلت حيز التنفيذ مطلع الخامس نوفمبر 2018م مع إعفاء ثماني حكومات من الالتزام الكامل بوقف استيراد النفط الإيراني لفترة محددة مع الوعد بالتحول إلى منتجي النفط الآخرين دوليًا.
تعد هذه العقوبات المطبقة على النظام الإيراني تاريخية الأثر والتنفيذ والحدود إذ إن أثرها سيصل الداخل الإيراني إن كان في التكاليف المعيشية أو في شح المواد والموارد الذي سيحدث بسبب هذه العقوبات بالإضافة إلى تعليق التعامل المالي بين إيران والعالم خصوصًا مع توقف نظام المراسلات المالي الدولي swift عن العمل والتعامل مع المؤسسات المالية الإيرانية.
يتجاوز الأثر المالي السنوي على النظام الإيراني 200 مليار دولار، الاقتصاد يبلغ الناتج فيه 440 مليار دولار أمريكي يشكل القطاع الخدمي والصناعي ما يزيد عن 90 % من حجم الاقتصاد كاملا، كذلك فإن هذه العقوبات ستكون ذات أثر مباشر وعالٍ على التدفقات الاستثمارية الأجنبية لإيران التي فقط كانت تعافت مؤخرًا وارتفعت بمتوسط 1،9 مليار دولار في العام 2017.
تمتلك إيران احتياطي نفطي قدره 155،6 مليار برميل بقدرة إنتاج يومي يقترب من 4 ملايين برميل يوميًا وكذلك فهي تمتلك احتياطي من الغاز قدره 33.8 ترليون وحدة وتمتلك قدرة إنتاج 238 مليار وحدة يوميًا، لكل هذه الثروات التي تزخر بها إيران طاقة بشرية كبيرة لم تستغل حيث يتجاوز التعداد هناك 81 مليون نسمه. تمتلك إيران ثروات عظيمة استغلها النظام الإيراني في تمويل الإرهاب ومحاولة السيطرة والتمدد والأمثلة في الوطن العربي متعددة لبنان، بغداد، اليمن ومحاولات التمدد في إفريقيا بنماذج مختلفة سواء كان ذلك بالمال أو السلاح أو بالعقيدة والجميع رأى الأثر الإيراني بالدمار والإرهاب في كل هذه العواصم والدول. استثمرت إيران ثرواتها بالشكل الذي جلب لمواطنيها الفقر فالشعب الإيراني في مرتبة متقدمة في الفقر والعوز رغم كل هذه الأموال والثروات وكذلك إيران اليوم ستفتقد موثوقيتها كمزود عالمي للنفط والغاز.
مرة أخرى تعود المملكة العربية السعودية للمشهد بدورها كلاعب رئيس في استقرار أسواق الطاقة حول العالم فلو لم تتعهد المملكة أولا وبقية شركائها لاحقا لما بقيت أسعار النفط مستقرة غير متأثرة كما هي الآن، من المعروف أن النفط السعودي بعد الأكثر موثوقية عالميًا لاعتبارات كثيرة منها كفاءة الإنتاج والمعدات والاستقرار السياسي السعودي وثقة التسليم.
يذكرنا ما يحدث الآن في إيران بما حدث مع فنزويلا الدولتان تعتبران غنية بالموارد تواجه سوء تصرف بها سواء إيران بسبب توجهاتها ومطامعها السياسية أو فنزويلا وسوء إدارة الموارد المالية، بينما اتسمت السياسة النفطية والمالية بالمملكة لدرجة عالية من التحفظ والاتزان انعكست على كل الأزمات الاقتصادية التي مرت به أو بالعالم إيجابا ولله الحمد كذلك التجربة النرويجية والكندية. إن امتلاك الثروة جزء منفصل تماما عن إدارتها وتنميتها، ما بين الإسراف والبخل والطمع والأهداف تدور كافة القصة.