عبده الأسمري
تجول بنا أحداث الساعة إلى خارطة العالم نرى ما يحدث في أقصى أصقاع الأرض حاضرا في أذهاننا حيث باتت القارات قرية واحدة ولكنها كئيبة تفوح من جوانبها روائح الرماد وتمتلئ جنباتها بقصص الموت وحكايات التشريد..
نرى أفواج الهاربين من جحيم الأنظمة السياسية يموتون قهرا بين أمواج المحيطات وهم ينسجون رحلة الفناء من الموت إلى الموت.. ونشاهد التكتلات الحزبية وهي تملأ أوساط المدنيين بأوامر التعذيب ونرى جماعات الإرهاب تتراقص في أعراس الدم ونشاهد المؤتمرات تملأ أركان العالم وتحتشد لها الجموع الإعلامية وفي نهايتها يطل صناع القرار ومسؤولي الحكومات في كامل أناقتهم وعامر شعورهم وهم يرسمون «الوعود» الكاذبة فيما المشردين والمعدمين والمتألمين يملأون الأماكن باحثين عن الاحتواء والاكتفاء في رحلة يحيط بها الموت من كل جانب.
منذ أن بدأت فصول البشرية والمؤامرات جزءا من حكاياتها سجلت على أوراق التاريخ كحقائق ثابتة..كان الإنسان هو المحور والمصالح الشخصية هي الهدف والأنا هي المحرك.. لم تكن هنالك مؤتمرات في ذلك الحين بل كانت مغامرات من الضعفاء لملاحقة الرزق وفرمانات من الساسة للعقاب الجاهز فإما الموت أو التهجير أو السجن.
المؤتمرات «مجاميع» انبثقت من بوابة «التبرير» وتشعبت من منابع «الفراغ» تتكرر مواضيعها لأنها تكرر «الحلول» وتعيد تمرير «الحيل» وتتلاعب بالمشاعر غير الموجهة شعورهم إلى «التأويل» و»التخدير».
يمتلئ القرآن الكريم بالقصص والعبر عن المؤامرات التي كان عنوانها «الاحتيال « وحب الذات..ووضعت في دستورنا العظيم كمنهج ونبراس للضياء للتعامل مع سوءات الآخرين لمواجهة عقبات وتبعات السير في دروب الظلم وغياهب المكر.
لذا ظل المال والسلطة وجهان سائدان لتضخم «الأنا» في مدارات الحقب الزمنية واستمر القمع وسيلة لمنع الوصول إلى سياجات الأنظمة الطاغية
تتشبع ذاكرة الشعوب منذ تاريخ طويل بالخيبات المتواصلة التي كانت في أجزاء من الأرض ثم انتقلت من مسارات الجزئية إلى مساحات العموم.. فظلت عبرا يستسقى منها الناس الفوائد والمنافع رغما عن ويلات الحروب ومظالم الفتن...
ووسط كل ذلك فنحن في السعودية العظيمة نعيش «الاستثناء « من كل هذه المعارك الطاحنة بين مصائر الضعفاء وتحكم الأقوياء.. ففي وطننا الكبير العظيم ومنذ تأسيسه على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز تم توحيد القبائل ولم الصف الوطني على كلمة رجل واحد بعد أن كانت القبيلة حينها «إدارة مصغرة لسلطة جاهلة» لا تنفذ إلا أهواءها الشخصية ومبتغياتها الذاتية..وعندما وضع نظام الحكم في بلادنا بدأت الحياة تسير وفق متطلبات الإنسان ومطالب الأمن..فتم توطيد وإرساء قواعد صلبة من الطمأنينة ومنذ 88 عاما والوطن يرفل بالخير والعطاء والسخاء وسيبقى بفضل الله ثم بتوجيهات قيادتنا الرشيدة.
في ظل هذا الأمان السائد واللحمة العميقة بين المواطن والقيادة كان لا بد من نشوء الفتن وظهور المكر حيث نصب الأعداء شراكهم ووظف الحاقدون خبثهم لزعزعة الاستقرار الوطني وضرب النسيج الشعبي مستعينين بكل الوسائل..فتلاحقت الفتن ومع التطور المذهل والسمو نحو العالمية الذي انتهجته قيادتنا.. كشر الأعداء عن أنيابهم فتحولوا من بؤر المكر وأوكار الخبث ليظهروا علنا ناثرين سمومهم نحو وطننا وقيادته.
الفتنة تحيط بنا في ظل اضطراب شامل ضرب كل أركان الشعوب.. واجه شعبنا محركات الفتن بانتفاضة شعبية عارمة عكست جوهره النبيل للذود عن قيادته.
ولكني أتمنى من الجهات المعنية في الدولة أن تعد أوراقها وأن تجهز ملفاتها للرفع إلى المحاكم الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة بتفاصيل الاختلاقات وروايات الأكاذيب والادعاءات الباطلة القادمة من الخارج وأن يتم وضع خطط وطنية مدروسة لمواجهة الشائعات من الداخل ومعاقبة كل من يتورط في نشرها وأن يتم ملاحقة ومعاقبة الخائنين والمنافقين المتورطين في الفتنة وتأجيجها فلدينا ملايين ممن يأكلون من خيرات البلاد وبينهم مصفقين للباطل والتجارب والنماذج سابقا أكدت ذلك ووسطنا ملايين من المواطنين يجب أن يتشربوا المهمة القادمة في حرب واحدة ضد الأعداء ودفاع منظم أمام الفتن.
نحن مطالبون جميعا باستنفار شعبي وانتفاضة وطنية منظمة على كافة تراب هذا الوطن وفي كل مسارات الحياة والأعمال والعيش حتى ترتد أسهم الخونة وشرور الأعداء في نحورهم..