قال الجاحظ: كانت العرب إذا غزَتْ، أو سافرتْ، حملتْ معها من تربة بلدها رملاً وعفرًا تستنشقه.
إنها الأرض التي ولد فيها، ونشأ فيها، وشبَّ فيها، وتزوَّج فيها، فيها ذكرياتٌ لا تُنسى، فالوطن ذاكرة الإنسان، فيها الأحباب والأصحاب، فيها الآباء والأجداد.
الوطن، مفهومٌ واسعٌ، لا يمكن حصره في كلماتٍ قليلةٍ، فالوطن هو المكان الذي يضمّنا بين أحضانه، هو البيت الكبير الذي تستريح فيه النفس، وتأوي إليه الروح، وهو الأرض الرحبة التي نحيا فيها ونموت وندفن فيها، فإن سافرنا نشتاق إليه، وإن عدنا إليه قبّلنا ترابه شوقاً وشغفاً، فالوطن ليس مجرد كلمة تُقال بشكلٍ عابرٍ، إنما مفهومٌ واسعٌ باتساع الحياة،
والحبُّ للوطن لا يقتصر على المشاعر والأحاسيس؛ بل يتجلَّى في الأقوال والأفعال.
كانت وما زالت الإشاعات المدسوسة خطراً على جسد الوطن فيجب علينا أن نكون جسداً واحداً وقلباً واحداً، وألا نترك فرصة لأحد أن ينفذ من أية ثغرة تؤثر على سلامة الجبهة الداخلية، وأن يتم التوقف تماماً عن تناول كل مادة غير موثوقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو الالتفاف حول الشائعات.
إن الشائعات مرض خطير، يهدد كيان أي أمة، في أمنها واقتصادها وتقدمها، كما يؤدي إلى هلاك الفرد وضياع المجتمع، فكم أهلكت من قرى وأبادت من شعوب وجيوش، وأوغرت من صُدور، وزرعت من غلّ وحقد وحسد، وكم خربت من بيوت، وفي عالمنا المعاصر، وفي ظل التقدم والتطور في وسائل الاتصالات أصبحت الشائعات أكثر رواجاً وانتشاراً، وأبلغ خطراً. كما أن الشائعات تؤدي إلى تفريق المجتمع وضياع وحدته، وهذا ما فيه من مخالفة، يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} «سورة آل عمران». فإنه يؤدي إلى ضياع نعمة الأمن وذلك بسبب شائعة كاذبة أدت إلى تفريق الصف وضرب وحدته، مما يترتب عليه ضعف المجتمع وضياع أمنه. ويجب أن نعلم تمام العلم أن أي محاولة للمساس باستقرار المملكة ووحدة كيانها وسلامة مجتمعها وأمن شعبها، إنما تعني استهداف ما تبقى من ملامح الكيان العربي، فنحن نواجه حملات مسعورة للنيل من سيادة واستقلال ووحدة المملكة العربية السعودية وقيادتها بهذا بأي شكل من الأشكال التي لم تنجح لتماسك شعبها يعيد للأذهان أحداث مماثلة ومحاولات بائسة قادتها بعض المنظمات والدول لتحقيق ذات الأهداف التي سبق أن فشلت في تحقيقها وعادت منهزمة، وذلك لما تتمتع به المملكة من قيادة حكيمة وشعب واعٍ مدرك لما يحاك ضد المملكة وقيادتها وشعبها.
ولكن هيهات فقلوبنا مطمئنة بفضل الله على المملكة.. ولم يعد تنطلي حيلة الأغبياء وأعوانهم وألاعيبهم القذرة الفاشلة وأقلامهم المأجورة على المواطن الغيور على وطنه الذي وهب نفسه لخدمة المملكة وكم أنت مميز أيها المواطن السعودي في مثل هذه المواقف وتعلم العالم كيف تستثمر الظروف وتستغل الفرص في إرسال رسائل محبة تجدد الثقة بين القيادة والمواطن، وتدافع عن وطنك بكل ما تمتلكه من قوة.
حفظ الله المملكة وقيادتها وخيب الكائدين..