الدولة السعودية قامت على التوحيد، ونصرة الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنصرها الله ومكَّن لها في الأرض، وعمَّ نفعها العالم الإسلامي، قال المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله: «نصرنا الله بقوة التوحيد الذي في القلوب والإيمان الذي في الصدور، ويعلم الله أنَّ التوحيد لم يملك علينا عظامنا وأجسامنا فحسب، بل ملك علينا قلوبنا وجوارحنا» مختارات من الخطب الملكية (1/ 47). وكذلك فإنَّ الدولة السعودية أعظم الدول الإسلامية وقوفاً مع قضايا المسلمين، ودفاعاً عنهم، ومدِّ يد العون إليهم، والعمل الجاد في جمع كلمة المسلمين ووحدتهم، وخدمتها للحرمين الشريفين، فأمنت السبل بعد أن كانت مخوفة، ووفرت كافة الإمكانات أمنية وطبية ومعيشية للحجاج والمعتمرين، في نفع يعم جميع المسلمين، فيما لم تسبق إليه من قرون متطاولة، لذلك لا يستغرب أن يشنَّ عليها الأعداء حروبهم المتنوعة، ومنها الحرب الإعلامية التي أصبحت من أعظم آلات الحرب شراسة، لما لها من وقع كبير في نفوس الناس، وقلب للحقائق، وتلبيس على الناس، وما تقوم به من نفخ الكير في بعض الأخطاء حتى يُصبح الخطأ الواحد كالجبل يوشك أن يقع فيُهلِك، ولكن الذي يُستغرب حرب بعض المسلمين عليها إعلامياً، وهؤلاء إمَّا أهل بدعة وضلالة من فرق الغلاة وأهل الفجور والانحلال، أو مستأجرون أعماهم المال عن قول الحق، أو حاسدون لها فيما تقوم به من دور كبير، حماية للأمة الإسلامية ونصرة لها، أو لا يستشعرون الخطر الذي يهدد عموم المسلمين، أو مغرر بهم، انطلت عليهم سموم الأعداء فشاركوهم في حربهم الإعلامية ضد السعودية، وهؤلاء خَلَفٌ لأسلافهم الذين قال عنهم المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله: «في بلاد العرب والإسلام، أناس يساعدون الأجنبي على الإضرار بجزيرة العرب والإسلام، وضربها في الصميم، وإلحاق الأذى بنا، ولكن لن يتم ذلك -إن شاء الله- وفينا عرق ينبض» مختارات من الخطب الملكية (1 /43).
إنَّ الذي يجب على كل إعلامي مسلم أن يكون فطناً يقظاً، ينتبه لكيد الأعداء ومكرهم، فإنَّما هم يهاجمون الدولة السعودية لأجل إضعاف شوكة المسلمين، وتمزيق الكيان الأقوى في العالم الإسلامي، فالدولة السعودية تمتلك من القوة ما لا يتوفر مثلها في غيرها، قوة تمسكها بالدين وخدمة الحرمين الشريفين، ثم القوة السياسية والاقتصادية، وهذا من فضل الله عليها وعلى المسلمين جميعاً.
إنَّ الإعلام له دور كبير في الأحداث، ذلك أنَّه لسان يستعمله الأعداء سعياً لتحقيق الأهداف الصهيونية في إحداث الاضطراب والثورات والمظاهرات والحروب، والتأليب على الولاة وتشويه صورتهم وتخوينهم، لا حُبَّاً في المسلمين، ولا دفعاً لما يدَّعونه من ظلم، بل القصد منه، إضعاف شوكة المسلمين، وبثِّ الفرقة ونشر الخلاف، فإذا تمَّ لهم الأمر لا أتمَّه الله فإنَّهم يهدفون إلى السيطرة على المسلمين، والاستيلاء على ما يملكونه من مقوِّمات كبرى، فعلى الإعلامي المسلم، أن يسخِّر إعلامه دفاعاً عن السعودية ونصرة لها، وعدم تصديق ما يروِّجه الإعلام المعادي من الأخبار الكاذبة الباطلة، وكذلك على الهيئات العلمية الشرعية وعلماء المسلمين في العالم كله، الدفاع عن السعودية، وبيان محاسنها للناس، وتوعية المسلمين في العالم بأنَّ السعودية تقوم بمحاربة الحوثيين الذين هم أعداء الإسلام وتقطع يد المدِّ المجوسي الإيراني في اليمن، وفي غيرها من بلدان المسلمين، وتحارب الإرهاب الذي صنعه الأعداء، والعجب لا ينقضي من تباطؤ بعض المجامع العلمية في العالم الإسلامي في توعية الناس وتبصيرهم بالدور الذي تقوم به السعودية خدمة للمسلمين وذوداً عنهم، فإنَّ الذي لا يقف من المسلمين مع السعودية ضد الأعداء، عليه أن يراجع نفسه، ولا يقف مكتوفاً كأنَّ الأمر لا يعنيه، فإنَّ الدفاع عن السعودية دفاع عن المسلمين جميعاً.
ولسائل أن يسأل، لماذا ندافع عن السعودية؟ فالجواب سبق أن ذُكر، وهو لأنَّها تقوم بالنيابة عن الأمة الإسلامية في إيقاف التمدد المجوسي الصفوي الفارسي، الذي يريد أن يبتلع بقية العالم الإسلامي، كما ابتلع العراق وسوريا ولبنان ويُحدث فيه الدمار والظلم والجور والشر والفساد، كما فعل أسلافهم من الفاطميين والقرامطة، وكما فعله إمامهم الوزير ابن العلقمي، الذي خان المسلمين، بمعاونته للمغول حتى فعلوا أفاعليهم الإجرامية في الدولة العباسية وأسقطوها.
إنَّ على المسلمين جميعاً أن يقفوا صفَّا واحداً في مواجهة أعداء الإسلام، وأن ينصروا الدولة السعودية، وأن يدافعوا عنها، وأن تجتمع كلمتهم، لا أن يتفرقوا ويكونوا شيعاً وأحزاباً وفرقاً يُعادي بعضها بعضاً.
وختاماً فإنَّه من الأهمية الاهتمام بتطوير الإعلام، وبذل مزيد من الجهود إتقاناً وحذقاً ومواكبة، ليواجه إعلام الأعداء ويكشف زيفهم، ويُبطل إفتراءتهم، ويُعرِّي باطلهم الذي جعلوه لبوسهم، ويدافع عن المسلمين وقضايهم، فإنَّ الإعلام القوي قوة لأهله، حفظ الله الدولة السعودية وولاة أمرها وعلماءها وأهلها وزادها قوة وأمناً ورخاء وتمسُّكاً بالدين، وأسأل الله أن يوفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما يحب ويرضى وأن ينصر بهما الدين، وأن يجعلهما مفاتيح خير مغاليق شر، وأن يمد في عمرهما على طاعته.
** **
- خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير